البحر المحيط، ج ٤، ص : ٣٤٨
العامل حالين لذي حال واحد لا بحرف عطف إلا أفعل التفضيل، فالأصح أنه يجوز فيه ذلك، وذو الحال هنا واحد وهو الضمير المجرور بلام لنا، ولأنه أيضا تكون الواو دخلت على المضارع، ولا تدخل واو الحال على المضارع إلا بتأويل، فيحتاج أن يقدر : ونحن نطمع.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون وَنَطْمَعُ حالا من لا نُؤْمِنُ على أنهم أنكروا على أنفسهم لأنهم لا يوحدون اللّه، ويطمعون مع ذلك أن يصحبوا الصالحين، انتهى.
وهذا ليس بجيد لأن فيه دخول واو الحال على المضارع ويحتاج إلى تأويل.
وقال الزمخشري : وأن يكون معطوفا على لا نُؤْمِنُ على معنى وما لنا لا نجمع بين التثليث وبين الطمع في صحبة الصالحين أو على معنى : وما لنا لا نجمع بينهما بالدخول في الإسلام لأن الكافر ما ينبغي له أن يطمع في صحبة الصالحين، انتهى.
ويظهر لي وجه غير ما ذكروه وهو أن يكون معطوفا على نؤمن على أنه منفي كنفي نؤمن، التقدير : وما لنا لا نؤمن ولا نطمع فيكون في ذلك إنكار لانتفاء إيمانهم وانتفاء طمعهم مع قدرتهم على تحصيل الشيئين : الإيمان والطمع في الدخول مع الصالحين ومَعَ على بابها من المعية، وقيل : بمعنى في والصالحون أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم، قاله ابن عباس أو الرسول وأصحابه، قاله ابن زيد، أو المهاجرون الأولون، قاله مقاتل. وقيل :
التقدير أن يدخلنا الجنة فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ ظاهره أن الإثابة بما ذكر مترتبة على مجرد القول، ولا بد أن يقترن بالقول الاعتقاد ويبين أنه مقترن به أنه قال : مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ فوصفهم بالمعرفة، فدل على اقتران القول بالعلم، وقال : ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ فإما أن يكون من وضع الظاهر موضع المضمر تنبيها على هذا الوصف بهم، وأنهم أثيبوا لقيام هذا الوصف بهم، وهو رتبة الإحسان، وهي التي فسرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
بقوله :«أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»
ولا إخلاص ولا علم أرفع من هذه الرتبة، وإما أن يكون أريد به العموم فيكونون قد اندرجوا في المحسنين على أن هذه الإثابة لم تترتب على مجرد القول اللفظي، ولذلك فسره الزمخشري بقوله بما قالوا بما تكلموا به من اعتقاد وإخلاص من قولك : هذا قول فلان أي اعتقاده وما يذهب إليه انتهى.