البحر المحيط، ج ٤، ص : ٤٢٢
وانتصابه على الظرف وتقديره قالَ اللَّهُ هذا القصص أو الخبر يَوْمُ يَنْفَعُ معنى يزيل وصف الآية وبهاء اللفظ والمعنى، والوجه الثاني أن يكون ظرفا خبر هذا وهذا مرفوع على الابتداء والتقدير، هذا الذي ذكرناه من كلام عيسى واقع يوم ينفع ويكون هذا يوم ينفع جملة محكية يقال. قال الزمخشري : وقرأ الأعمش يوما ينفع بالتنوين كقوله وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي «١». وقال ابن عطية : وقرأ الحسن بن عياش الشامي هذا يَوْمُ بالرفع والتنوين. وقرأ الجمهور صِدْقُهُمْ بالرفع فاعل ينفع وقرئ بالنصب، وخرج على أنه مفعول له أي لصدقهم أو على إسقاط حرف الجر أي بصدقهم أو مصدر مؤكد، أي الذين يصدقون صدقهم أو مفعول به أي يصدقون الصدق كما تقول : صدقته القتال والمعنى يحققون الصدق.
قال الزمخشري (فإن قلت) : إن أريد صِدْقُهُمْ في الآخرة فليست بدار عمل، وإن أريد في الدنيا فليس بمطابق لما ورد فيه، لأنه في معنى الشهادة لعيسى عليه السّلام بالصدق فيما يجيب به يوم القيامة.
(قلت) : معناه الصدق المستمر بالصادقين في دنياهم وآخرتهم انتهى، وهذا بناء على قول من قال : إن هذا القول يكون من اللّه تعالى في الآخرة وقد اتبع الزمخشري الزجاج في قوله : هذا حقيقته الحكاية ومعنى يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ الذي كان في الدنيا ينفعهم في القيامة، لأن الآخرة ليست بدار عمل ولا ينفع أحدا فيها ما قال وإن حسن، ولو صدق الكافر وأقرّ بما عمل فقال : كفرت وأسأت ما نفعه، وإنما الصادق الذي ينفعه صدقه الذي كان فيه في الدنيا والآخرة انتهى. والظاهر أنه ابتداء كلام من اللّه تعالى. وقال السدي : هذا فصل من كلام عيسى عليه السّلام أي : يقول عيسى يوم القيامة :
قال اللّه تعالى : واختلف في هذا اليوم، فقيل : يوم القيامة كما ذكرناه وخص بالذكر لأنه يوم الجزاء الذي فيه تجنى ثمرات الصدق الدائمة الكاملة، وإلا فالصدق ينفع في كل يوم وكل وقت. وقيل : هو يوم من أيام الدنيا فإن العمل لا ينفع إلا إذا كان في الدنيا والصادقون هنا النبيون وصدقهم تبليغهم، أو المؤمنون وصدقهم إخلاصهم في إيمانهم أو صدق عهودهم أو صدقهم في العمل للّه تعالى، أو صدقهم تركهم الكذب على اللّه وعلى رسله أو صدقهم في الآخرة في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ أو شهدوا به على أنفسهم من أعمالهم، ويكون وجه