البحر المحيط، ج ٤، ص : ٥١٠
تقديم جواب الشرط عليه في مذهب الكوفيين وأبي زيد والمبرد وذهب غيره إلى أنه محذوف فقدره الزمخشري فقال : إن أتاكم عذاب اللّه أو أتتكم الساعة من تدعون؟
وإصلاحه بدخول الفاء أي فمن تدعون؟ لأن الجملة الاستفهامية إذا وقعت جوابا للشرط فلابد فيها من الفاء؟ وقدره غيره إن أتاكم عذاب اللّه أو أتتكم الساعة دعوتم اللّه ودل عليه الاستفهام في قوله : أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يتعلق الشرط بقوله : أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ كأنه قيل أغير اللّه تدعون إن أتاكم عذاب اللّه انتهى. فلا يجوز أن يتعلق الشرط بقوله : أَغَيْرَ اللَّهِ لأنه لو تعلق به لكان جوابا للشرط، فلا يجوز أن يكون جوابا للشرط لأن جواب الشرط إذا كان استفهاما بالحرف لا يكون إلا بهل مقدما عليها الفاء نحو إن قام زيد فهل تكرمه؟ ولا يجوز ذلك في الهمزة لا تتقدم الفاء على الهمزة ولا تتأخر عنها، فلا يجوز إن قام زيد فأتكرمه ولا أفتكرمه ولا أتكرمه، بل إذا جاء الاستفهام جوابا للشرط لم يكن إلا بما يصح وقوعه بعد الفاء لا قبلها هكذا نقله الأخفش عن العرب، ولا يجوز أيضا من وجه آخر لأنا قد قرّرنا أن أرأيتك متعد إلى اثنين أحدهما في هذه الآية محذوف وأنه من باب التنازع والآخر وقعت الجملة الاستفهامية موقعة فلو جعلتها جوابا للشرط لبقيت أَرَأَيْتَكُمْ متعدّية إلى واحد، وذلك لا يجوز وأيضا التزام العرب في الشرط الجائي بعد أرأيت مضى الفعل دليل على أن جواب الشرط محذوف، لأنه لا يحذف جواب الشرط إلا عند مضيّ فعله قال تعالى : قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً «١» قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ «٢» أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ «٣» أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ «٤» إلى غير ذلك من الآيات، وقال الشاعر :
أرأيت إن جاءت به أملودا وأيضا فمجيء الجمل الاستفهامية مصدرة بهمزة الاستفهام دليل على أنها ليست جواب الشرط، إذ لا يصح وقوعها جوابا للشرط.
وقال الزمخشري :(فإن قلت) : إن علقت الشرطية يعني بقوله : غَيْرَ اللَّهِ فما تصنع بقوله : فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ مع قوله : أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ وقوارع الساعة
(٢) سورة القصص : ٢٨/ ٧١.
(٣) سورة الشعراء : ٢٦/ ٢٠٥.
(٤) سورة العلق : ٩٦/ ١٣.