البحر المحيط، ج ٤، ص : ٥٧٥
البنت داخل في الذرية وبهذه الآية استدل على دخوله في الوقف على الذرية، وسواء كان الضمير في وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ عائدا على نوح أو على إبراهيم
فنقول : الحسن والحسين ابنا فاطمة رضي اللّه عنهم هما من ذرية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبهذه الآية استدل أبو جعفر الباقر ويحيى بن يعمر على ذلك
، وكان الحجاج بن يوسف طلب منهما الدليل على ذلك إذ كان هو ينكر ذلك فسكت في قصتين جرتا لهما معه.
كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ لا يختص كل بهؤلاء الأربعة، بل يعم جميع من سبق ذكره من الأربعة عشر نبيا.
وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً المشهور أن إسماعيل هو ابن إبراهيم من هاجر وهو أكبر ولده، وقيل : هو نبي من بني إسرائيل كان زمان طالوت وهو المعني بقوله إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ «١»، واليسع قال زيد بن أسلم : هو يوشع بن نون، وقال غيره : هو اليسع بن أخطوب بن العجوز، وقرأ الجمهور واليسع كأن أل أدخلت على مضارع وسع، وقرأ الأخوان والليسع على وزن فيعل نحو الضيغم واختلف فيه أهو عربي أم عجمي، فأما على قراءة الجمهور وقول من قال : إنه عربي فقال : هو مضارع سمي به ولا ضمير فيه فأعرب ثم نكر وعرف بأل، وقيل سمي بالفعل كيزيد ثم أدخلت فيه أل زائدة شذوذا كاليزيد في قوله :
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا ولزمت كما لزمت في الآن، ومن قال : إنه أعجمي فقال : زيدت فيه أل ولزمت شذوذا، وممن نص على زيادة أل في اليسع أبو عليّ الفارسي وأما على قراءة الأخوين فزعم أبو عليّ أن أل فهي كهي في الحارث والعباس، لأنهما من أبنية الصفات لكن دخول أل فيه شذوذ عن ما عليه الأسماء الأعجمية إذ لم يجئ فيها شيء على هذا الوزن كما لم يجئ فيها شيء فيه أل للتعريف، وقال أبو عبد اللّه بن مالك الجياني، ما قارنت أل نقله كالمسمى بالنضر أو بالنعمان أو ارتجاله كاليسع والسموأل، فإن الأغلب ثبوت أل فيه وقد يجوز أن يحذف فعلى هذا لا تكون أل فيه لازمة واتضح من قوله : إن اليسع ليس منقولا من فعل كما قال بعضهم، وتقدّم أنه قال : يونس بضم النون وفتحها وكسرها وكذلك يوسف وبفتح النون وسين يوسف قرأ الحسن وطلحة ويحيى والأعمش وعيسى بن عمر في جميع

(١) سورة البقرة : ٢/ ٢٤٦.


الصفحة التالية
Icon