البحر المحيط، ج ٤، ص : ٦٩٨
كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ
«١» وقرأت فرقة يَصْدِفُونَ بضم الدال.
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ الضمير في يَنْظُرُونَ عائد على الذين قيل لهم فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ وهم العادلون بربهم من العرب الذين مضى أكثر السورة في جدالهم أي ما ينتظرون إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ إلى قبض أرواحهم وتعذيبها وهو وقت لا تنفع فيه توبتهم وهو قول مجاهد وقتادة وابن جريج. وقيل : أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ الذين ينصرفون يوم القيامة يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين. وقيل : ذلك إشارة إلى قولهم : أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا
«٢» أي رسلا من اللّه إليهم كما تمنوا، أو يأتي أمر ربك فيهم بالقتل أو غيره قاله ابن عباس. وقال مجاهد أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ بعلمه وقدرته بلا أين ولا كيف لفصل القضاء بين خلقه في الموقف يوم القيامة. وقال الزجاج : أو يأتي إهلاك ربك إياهم. قال ابن عطية : وعلى كل تأويل فإنما هو بحذف مضاف تقديره أمر ربك وبطش وحساب ربك، وإلا فالإتيان المفهوم من اللغة مستحيل في حق اللّه تعالى ألا ترى أن اللّه تعالى يقول : فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا «٣» فهذا إتيان قد وقع وهو على المجاز وحذف المضاف. وقال الزمخشري : أَوْ يَأْتِيَ كل آيات ربك بدليل قوله : أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يريد آيات القيامة والهلاك الكلي وبَعْضُ آياتِ رَبِّكَ أشراط الساعة كطلوع الشمس من مغربها وغيرها انتهى.
وقال ابن مسعود وابن عمر ومجاهد وقتادة والسدي : إنه طلوع الشمس من مغربها ورواه أبو سعيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم
وفي الصحيحين عنه عليه السّلام «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمن من عليها فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا».
وقال ابن مسعود فيما روى عنه مسروق :
طلوع الشمس والقمر من مغربهما. وقيل : إحدى الآيات الثلاث طلوع الشمس من مغربها والدابة وفتح يأجوج ومأجوج رواه القاسم عن ابن مسعود. وقال أبو هريرة : طلوعها والدجال والدابة وفتح يأجوج ومأجوج. وقيل : العشر الآيات التي في حديث البراء طلوع الشمس من مغربها والدجال والدابة وخسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، ونزول عيسى وفتح يأجوج ومأجوج ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى

(١) سورة النحل : ١٦/ ٨٨.
(٢) سورة الإسراء : ١٧/ ٩٢.
(٣) سورة الحشر : ٥٩/ ٢.


الصفحة التالية
Icon