البحر المحيط، ج ٥، ص : ٣٦٩
أحد.
فقال عمر، وابن الزبير، وأبو جحيفة، وطاووس، وعطاء، وابن المسيب : هو يوم عرفة، وروى مرفوعا إلى الرسول صلى اللّه عليه وسلم.
وقال أبو موسى، وابن أبي أوفى، والمغيرة بن شعبة، وابن جبير، وعكرمة، والشعبي، والنخعي، والزهري، وابن زيد، والسدي : هو يوم النحر. وقيل : يوم الحج الأكبر أيام الحج كلها، قاله سفيان بن عيينة.
قال ابن عطية : والذي تظاهرت به الأحاديث أنّ عليا أذّن بتلك الآيات يوم عرفة إثر خطبة أبي بكر، ثم رأى أنه لم يعم الناس بالإسماع فتتبعهم بالأذان بها يوم النحر، وفي ذلك اليوم بعث أبو بكر رضي اللّه عنه من يعينه بها كأبي هريرة وغيره، ويتبعوا بها أيضا أسواق العرب كذي المجاز وغيره
وبهذا يترجح قول سفيان. ويقول : كان هذا يوم صفين، ويوم الجمل، يريد جميع أيامه. وقال مجاهد : يوم الحج الأكبر أيام منى كلها، ومجامع المشركين حين كانوا بذي المجاز وعكاظ ومجنة حتى نودي فيهم : إن لا يجتمع المسلمون والمشركون بعد عامهم هذا، ووصفه بالأكبر. قال الحسن، وعبد اللّه بن الحرث بن نوفل : لأنه حج ذلك العام المسلمون والمشركون، وصادف عيد اليهود والنصارى، ولم يتفق ذلك قبله ولا بعده، فعظم في قلب كل مؤمن وكافر. وضعف هذا القول بأنه تعالى لا يصفه بالأكبر لهذا. وقال الحسن أيضا : لأنه حج فيه أبو بكر، ونبذت فيه العهود. قال ابن عطية : وهذا هو القول الذي يشبه نظر الحسن، وبيانه أن ذلك اليوم كان المفتتح بالحق وأمارة الإسلام بتقديم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ونبذت فيه العهود، وعز فيه الدين، وذل فيه الشرك، ولم يكن ذلك في عام ثمان حين ولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عتاب بن أسد كان أمير العرب على أوله، فكل حج بعد حج أبي بكر فمتركب عليه، فحقه لهذا أن يسمى أكبر انتهى. ومن قال : إنه يوم عرفة، فسمي الأكبر لأنه معظم واجباته، فإذا فات فات الحج. ومن قال : إنه يوم منى فلأن فيه معظم الحج، وتمام أفعاله من الطواف والنحر والحلق والرمي. وقيل : وصف بالأكبر لأنّ العمرة تسمى بالحج الأصغر. وقال منذر بن سعيد وغيره : كان الناس يوم عرفة مفترقين إذا كانت الحمس تقف بالمزدلفة، وكان الجمع يوم النحر بمنى، ولذلك كانوا يسمونه يوم الحج الأكبر أي الأكبر من الأصغر الذي هم فيه مفترقون. وقد ذكر المهدوي : أن الحمس ومن اتبعها وقفوا بالمزدلفة في حجة أبي بكر رضي اللّه عنه. وحكى القرطبي عن ابن سيرين : أنّ يوم الحج الأكبر أراد به العام الذي حج فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حجة الوداع، وحج معه الأمم
وهذا يحتاج إلى إضمار، كأنه قال : هذا الأذان حكمه متحقق يوم الحج الأكبر وهو عام حج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم انتهى. وسمي أكبر لأنه فيه ثبتت مناسك الحج. وقال فيه :«خذوا