البحر المحيط، ج ٥، ص : ٦٢
بحرف عطف والفعل لا يصل إليه والصحيح منهما التضمين لا الإضمار على ما قرّرناه في علم العربية ومعنى التحريم هنا المنع كما قال :
حرام على عينيّ أن تطعما الكرى وإخبارهم بذلك هو عن أمر اللّه.
الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا تقدّم تفسير مثل هذا في الأنعام.
فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ هذا إخبار من اللّه عما يفعل بهم، قال ابن عباس وجماعة يتركهم في العذاب كما تركوا النظر للقاء هذا اليوم، وقال قتادة : نَسُوا من الخير ولم ينسوا من الشر، وقال الزمخشري : يفعل بهم فعل الناسين الذين ينسون عبيدهم من الخير لا يذكرونهم به كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا كما فعلوا بلقائه فعل الناسين فلم يخطروه ببالهم ولم يهتمّوا به، وقال الحسن والسدّي أيضا والأكثرون تتركهم في عذابهم كما تركوا العمل للقاء يومهم انتهى، وإن قدر النسيان بمعنى الذهول من الكفرة فهو في جهة اللّه بتسمية العقوبة باسم الذنب وَما كانُوا معطوف على ما نسوا وما فيهما مصدرية ويظهر أنّ الكاف في كَما للتعليل.
وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ الضمير في وَلَقَدْ جِئْناهُمْ عائد على من تقدم ذكره ويكون الكتاب على هذا جنسا أي بِكِتابٍ إلهي إذ الضمير عام في الكفار، وقال يحيى بن سلام الضمير لمكذبي محمد صلى اللّه عليه وسلم وهو ابتداء كلام وتمّ الكلام عند قوله يَجْحَدُونَ والكتاب هو القرآن وفَصَّلْناهُ عالمين كيفية نفصيله من أحكام ومواعظ وقصص وسائر معانيه، وقيل : فَصَّلْناهُ بإيضاح الحق من الباطل، وقيل : نزلناه في فصول مختلفة. وقرأ ابن محيصن والجحدري فضلناه بالضاد المنقوطة والمعنى فضلناه على جميع الكتب عالمين بأنه أهل للتفضيل عليها وفي التحرير أنه فضل على سائر الكتب المنزلة بثلاثين خصلة لم تكن في غيره فَصَّلْناهُ صفة لكتاب وعلى علم الظاهر أنه حال من فاعل فَصَّلْناهُ، وقيل التقدير مشتملا على علم فيكون حالا من المفعول وانتصب هُدىً وَرَحْمَةً على الحال، وقيل مفعول من أجله، وقرىء بالرفع أي هو هُدىً وَرَحْمَةً، وقرأ زيد بن عليّ هدى ورحمة بالخفض على البدل من كتاب أو النعت وعلى النعت لكتاب خرّجه الكسائي والفرّاء رحمهما اللّه.
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ أي مآل أمره وعاقبته قاله قتادة ومجاهد وغيرهما، قال ابن عباس مآله يوم القيامة. وقال السدّي في الدنيا كوقعة بدر ويوم القيامة أيضا، وقال الزمخشري ما