البحر المحيط، ج ٦، ص : ١٥٥
اعتراه بكذا : أصابه به، وقيل افتعل من عراه يعروه. الناصية : منبت الشعر في مقدم الرأس، ويسمى الشعر النابت هناك ناصية باسم منبته. ونصوت الرجل انصوه نصوا، مددت ناصيته. الجبار : المتكبر. العنيد : الطاغي الذي لا يقبل الحق ولا يصغي إليه، من عند يعند حاد عن الحق إلى جانب، قيل : ومنه عندي كذا أي : في جانبي. وقال أبو عبيدة : العنيد والعنود والمعاند والعاند المعارض بالخلاف، ومنه قيل للعرق الذي ينفجر بالدم : عاند.
وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ : الضمير في : وقال، عائد على نوح أي : وقال نوح حين أمر بالحمل في السفينة لمن آمن معه ومن أمر بحمله : اركبوا فيها. وقيل : الضمير عائد على اللّه، والتقدير : وقال اللّه لنوح ومن معه، ويبعد ذلك قوله : إن ربي لغفور رحيم.
قيل : وغلب من يعقل في قوله : اركبوا، وإن كانوا قليلا بالنسبة لما لا يعقل ممن حمل فيها، والظاهر أنه خطاب لمن يعقل خاصة، لأنه لا يليق بما لا يعقل. وعدى اركبوا بفي لتضمينه معنى صيروا فيها، أو معنى ادخلوا فيها. وقيل : التقدير اركبوا الماء فيها. وقيل :
في زائدة للتوكيد أي : اركبوها. والباء في بسم اللّه في موضع الحال، أو متبركين بسم اللّه.
ومجراها ومرساها منصوبان إما على أنهما ظرفا زمان أو مكان، لأنهما يجيئان لذلك. أو ظرفا زمان على جهة الحذف، كما حذف من جئتك مقدّم الحاج، أي : وقت قدوم الحاج، فيكون مجراها ومرساها مصدران في الأصل حذف منهما المضاف، وانتصبا بما في بسم اللّه من معنى الفعل. ويجوز أن يكون باسم اللّه حالا من ضمير فيها، ومجراها ومرساها مصدران مرفوعان على الفاعلية، أي : اركبوا فيها ملتبسا باسم اللّه إجراؤها وإرساؤها أي :
ببركة اسم اللّه. أو يكون مجراها ومرساها مرفوعين على الابتداء، وباسم اللّه الخبر، والجملة حال من الضمير في فيها. وعلى هذه التوجيهات الثلاثة فالكلام جملة واحدة، والحال مقدرة. ولا يجوز مع رفع مجراها ومرساها على الفاعلية أو الابتداء أن يكون حالا من ضمير اركبوا، لأنه لا عائد عليه فيما وقع حالا. ويجوز أن يكون باسم اللّه مجراها ومرساها جملة ثانية من مبتدإ وخبر، لا تعلق لها بالجملة الأولى من حيث الإعراب أمرهم أولا بالركوب، ثم أخبر أنّ مجراها ومرساها بذكر اللّه أو بأمره وقدرته، فالجملتان كلامان