البحر المحيط، ج ٦، ص : ١٧٧
تزيدونني بعبادتكم إلا بصارة في خسرانكم انتهى. فهو على حذف مضاف أي : غير بصارة تخسيركم. وقال مجاهد : ما تزدادون أنتم باحتجاجكم بعبادة آبائكم إلا خسارا، وأضاف الزيادة إلى نفسه لأنهم أعطوه ذلك وكان سألهم الإيمان. وقال ابن عطية : فما تعطوني فيما اقتضيته منكم من الإيمان غير تخسير لأنفسكم، وهو من الخسارة وليس التخسير إلا لهم، وفي حيزهم، وأضاف الزيادة إليه من حيث هو مقتض لأقوالهم موكل بإيمانهم كما تقول لمن توصيه : أنا أريدك خيرا وأنت تريدني سوءا، وكان الوجه البين أن يقول : وأنت تريد شرا، لكن من حيث كنت مريد خير، ومقتضى ذلك حسن أن يضيف الزيادة إلى نفسك انتهى. وقيل : التقدير فما تحملونني عليه، غير أني أخسركم أي : أرى منكم الخسران.
وقيل : التقدير تخسروني أعمالكم وتبطلونها. قيل وهذا أقرب، لأن قوله : فمن ينصرني من اللّه إن عصيته كالدلالة على أنه أراد إن اتبعتكم فيما أنتم عليه ودعوتموني إليه لم أزدد إلا خسرانا في الدين، فأصير من الهالكين الخاسرين. وانتصب آية على الحال، والخلاف في الناصب في نحو هذا زيد منطلقا، أهو حرف التنبيه؟ أو اسم الإشارة؟ أو فعل محذوف؟
جاز في نصب آية ولكم في موضع الحال، لأنه لو تأخر لكان نعتا لآية، فلما تقدم على النكرة كان حالا، والعامل فيها محذوف.
وقال الزمخشري :(فإن قلت) : فبم يتعلق لكم؟ (قلت) : بآية حالا منها متقدمة، لأنها لو تأخرت لكان صفة لها، فلما تقدمت انتصب على الحال انتهى. وهذا متناقض، لأنه من حيث تعلق لكم بآية كان لكم معمولا لآية، وإذا كان معمولا لها امتنع أن يكون حالا منها، لأنّ الحال تتعلق بمحذوف، فتناقض هذا الكلام، لأنه من حيث كونه معمولا لها كانت هي العاملة، ومن حيث كونه حالا منها كان العامل غيرها، وتقدم الكلام على الجمل التي بعد آية. وقرأت فرقة : تأكل بالرفع على الاستئناف، أو على الحال. وقريب عاجل لا يستأخر عن مسكموها بسوء إلا يسيرا، وذلك ثلاثة أيام، ثم يقع عليكم، وهذا الإخبار بوحي من اللّه تعالى، فعقروها نسب إلى جميعهم وإن كان العاقر واحدا لأنه كان برضا منهم، وتمالؤ. ومعنى تمتعوا استمتعوا بالعيش في داركم في بلدكم، وتسمى البلاد الديار لأنها يدار فيها أي : يتصرف، يقال : ديار بكر لبلادهم قاله الزمخشري. وقال ابن عطية : في داركم جمع دارة، كساحة وساح وسوح، ومنه قول أمية بن أبي الصلت :
له داع بمكة مشمعل وآخر فوق دارته ينادي