البحر المحيط، ج ٦، ص : ٢٢٠
وأما ما في مصحف أبي فإن نافية، ومن زائدة. وأما قراءة الأعمش فواضحة، والمعنى :
جميع ما لهم. قيل : وهذه الجملة تضمنت توكيدات بأن وبكل وباللام في الخبر وبالقسم، وبما إذا كانت زائدة، وبنون التوكيد وباللام قبلها وذلك مبالغة في وعد الطائع ووعيد العاصي، وأردف ذلك بالجملة المؤكدة وهي : إنه بما يعملون خبير. وهذا الوصف يقتضي علم ما خفي. وقرأ ابن هرمز : بما تعملون على الخطاب.
فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ : قال ابن عيينة وجماعة : معناه استقم على القرآن، وقال الضحاك : استقم بالجهاد، وقال مقاتل :
امض على التوحيد، وقال جماعة : استقم على أمر ربك بالدعاء إليه، وقال جعفر الصادق : استقم في الإخبار عن اللّه بصحة العزم
، وقال الزمخشري : فاستقم استقامة مثل الاستقامة التي أمرت بها على جادة الحق غير عادل عنها. وقال ابن عطية : أمر بالاستقامة وهو عليها، وهو أمر بالدوام والثبوت. والخطاب للرسول وأصحابه الذين تابوا من الكفر ولسائر الأمة، فالمعنى : وأمرت مخاطبة تعظيم انتهى. وقيل : استفعل هنا للطلب أي : اطلب الإقامة على الدين، كما تقول : استغفر أي اطلب الغفران. ومن تاب معطوف على الضمير المستكن في فاستقم، وأغنى الفاصل عن التوكيد : ولا تطغوا قال ابن عباس : في القرآن فتحلوا وتحرموا ما لم آمركم به. وقال ابن زيد : لا تعصوا ربكم. وقال مقاتل : لا تخلطوا التوحيد بالشك. وقال الزمخشري : لا تخرجوا عن حدود اللّه. وقرأ الحسن والأعمش : بما يعملون بالياء على الغيبة، ورويت عن عيسى الثقفي بصير مطلع على أعمالهم يراها ويجازى عليها.
وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ : قال ابن عباس : معنى الركون الميل. وقال السدي، وابن زيد : لا تداهنوا الظلمة. وقال قتادة : لا تلحقوا بهم. وقال سفيان : لا تدنوا إلى الذين ظلموا. وقال أبو العالية : لا ترضوا أعمالهم، وقيل : لا تجالسوهم، وقال جعفر الصادق : إلى الذين ظلموا إلى أنفسكم فإنها ظالمة
، وهذا شبيه بتفسير الباطنية. وقيل : لا تتشبهوا بهم. وقرأ الجمهور : تركنوا بفتح الكاف، والماضي ركن بكسرها، وهي لغة قريش. وقال الأزهري :
هي اللغة الفصحى. وعن أبي عمرو : بكسر التاء على لغة تميم في مضارع علم غير الياء.
وقرأ قتادة، وطلحة، والأشهب، ورويت عن أبي عمر : وتركنوا بضم الكاف ماضي ركن


الصفحة التالية
Icon