البحر المحيط، ج ٦، ص : ٢٣٧
هي بدل من التاء قال : يا أبتا علك أو عساكا. ووجه الاقتصار على التاء مفتوحة أنه اجتزأ بالفتحة عن الألف، أو رخم بحذف التاء، ثم أقحمت قاله أبو علي. أو الألف في أبتا للندبة، فحذفها قاله : الفراء، وأبو عبيد، وأبو حاتم، وقطرب. ورد بأنه ليس موضع ندبة أو الأصل يا أبة بالتنوين، فحذف والنداء ناد حذف قاله قطرب، ورد بأنّ التنوين لا يحذف من المنادى المنصوب نحو : يا ضاربا رجلا، وفتح أبو جعفر ياء إني.
وقرأ الحسن، وأبو جعفر، وطلحة بن سليمان : أحد عشر بسكون العين لتوالي الحركات، وليظهر جعل الاسمين اسما واحدا. ورأيت هي حلمية لدلالة متعلقها على أنه منام، والظاهر أنه رأى في منامه كواكب الشمس والقمر. وقيل : رأى إخوته وأبويه، فعبر عنهم بذلك، وعبر عن الشمس عن أمه. وقيل : عن خالته راحيل، لأنّ أمه كانت ماتت.
ومن
حديث جابر بن عبد اللّه : أن يهوديا جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : يا محمد أخبرني عن أسماء الكواكب التي رآها يوسف، فسكت عنه، ونزل جبريل فأخبره بأسمائها، فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اليهودي فقال : هل أنت مؤمن إن أخبرتك بذلك؟ فقال : نعم. قال : جريان، والطارق، والذيال، وذو الكتفين، وقابس، ووثاب، وعمودان، والفليق، والمصبح، والضروح، والفرغ، والضياء، والنور. فقال اليهودي : إي واللّه إنها لأسماؤها.
وذكر السهيلي مسندا إلى الحرث بن أبي أسامة فذكر الحديث، وفيه بعض اختلاف، وذكر النطح عوضا عن المصبح. وعن وهب أن يوسف رأى وهو ابن سبع سنين أن إحدى عشرة عصا طوالا كانت مركوزة في الأرض كهيئة الدارة، وإذا عصا صغيرة تثب عليها حتى اقتلعتها وغلبتها، فوصف ذلك لأبيه فقال : إياك أن تذكر هذا لإخوتك، ثم رأى وهو ابن ثنتي عشرة سنة الشمس والقمر والكواكب سجودا له فقصها على أبيه فقال له : لا تقصها عليهم فيبغوا لك الغوائل، وكان بين رؤيا يوسف ومسير إخوته إليه أربعون سنة، وقيل : ثمانون.
وروي أن رؤيا يوسف كانت ليلة القدر ليلة جمعة.
والظاهر أنّ الشمس والقمر ليسا مندرجين في الأحد عشر كوكبا، ولذلك حين عدهما الرسول لليهودي ذكر أحد عشر كوكبا غير الشمس والقمر، ويظهر من كلام الزمخشري أنهما مندرجان في الأحد عشر.
قال الزمخشري :(فإن قلت) : لم أخر الشمس والقمر؟ (قلت) : أخرهما ليعطفهما على الكواكب على طريق الاختصاص إثباتا لفضلهما، واستبدادهما بالمزية على غيرهما من الطوالع، كما أخر جبريل وميكائيل عن الملائكة ثم عطفهما عليهما. لذلك ويجوز أن