البحر المحيط، ج ٦، ص : ٢٤٦
يعقوب. ومن كسر العين من يرتع فهو يفتعل. قال مجاهد : هي من المراعاة أي : يراعي بعضنا بعضا ويحرسه. وقال ابن زيد : من رعى الإبل أي يتدرب في الرعي، وحفظ المال، أو من رعى النبات والكلأ، أي : يرتع على حذف مضاف أي : مواشينا. ومن أثبت الياء، فقال ابن عطية : هي قراءة ضعيفة لا تجوز إلا في الشعر كقول الشاعر :
ألم يأتيك والأنباء تنمى بما لاقت لبون بني زياد
انتهى. وقيل : تقدير حذف الحركة في الياء لغة، فعلى هذا لا يكون ضرورة. ومن قرأ بسكون العين فالمعنى : نقم في خصب وسعة، ويعنون من الأكل والشرب. وإنا له لحافظون جملة حالية، والعامل فيه الأمر أو الجواب، ولا يكون ذلك من باب الإعمال، لأن الحال لا تضمر، وبأنّ الإعمال لا بد فيه من الإضمار إذا أعمل الأول، ثم اعتذر لهم يعقوب بشيئين : أحدهما : عاجل في الحال، وهو ما يلحقه من الحزن لمفارقته وكان لا يصبر عنه. والثاني : خوفه عليه من الذئب إن غفلوا عنه برعيهم ولعبهم، أو بقلة اهتمامهم بحفظه وعنايتهم، فيأكله ويحزن عليه الحزن المؤبد. وخص الذئب لأنه كان السبع الغالب على قطره، أو لصغر يوسف فخاف عليه هذا السبع الحقير، وكان تنبيها على خوفه عليه ما هو أعظم افتراسا. ولحقارة الذئب خصه الربيع بن ضبع الفزاري في كونه يخشاه لما بلغ من السن في قوله :
والذئب أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا
وكان يعقوب بقوله : وأخاف أن يأكله الذئب لقنهم ما يقولون من العذر إذا جاؤوا وليس معهم يوسف، فلقنوا ذلك وجعلوه عدة للجواب، وتقدّم خلاف القراء في يحزن.
وقرأ زيد بن علي، وابن هرمز، وابن محيصن : ليحزني بتشديد النون، والجمهور بالفك.
وليحزنني مضارع مستقبل لا حال، لأن المضارع إذا أسند إلى متوقع تخلص للاستقبال، لأنّ ذلك المتوقع مستقبل وهو المسبب لأثره، فمحال أن يتقدم الأثر عليه، فالذهاب لم يقع، فالحزن لم يقع. كما قال :
يهولك أن تموت وأنت ملغ لما فيه النجاة من العذاب
وقرأ زيد بن علي : تذهبوا به من أذهب رباعيا، ويخرج على زيادة الباء في به، كما خرج بعضهم تنبت بالدهن. في قراءة من ضم التاء وكسر الباء أي : تنبت الدهن وتذهبوه.
وقرأ الجمهور : والذئب بالهمز، وهي لغة الحجز. وقرأ الكسائي، وورش، وحمزة : إذا