البحر المحيط، ج ٦، ص : ٢٥٤
لا الثمن. وهذا إذا كان الضمير في وشروه وكانوا عائدا على إخوة يوسف، فأما إذا كان عائدا على السيارة فزهدهم فيه لكونهم ارتابوا فيه، أو لوصف إخوته له بالخيانة والإباق، أو لعلمهم أنه حر. وقال الزمخشري : من الزاهدين، ممن يرغب عما في يده فيبيعه بما طف من الثمن، لأنهم التقطوه، والملتقط للشيء متهاون به لا يبالي بما باعه، ولأنه يخاف أن يعرض له مستحق فينزعه من يده فيبيعه من أول مساوم بأوكس الثمن. ويجوز أن يكون معنى وشروه اشتروه، يعني الرفقة من إخوته. وكانوا فيه من الزاهدين لأنهم اعتقدوا فيه أنه آبق، فخافوا أن يخاطروا بمالهم فيه. ويروى أنّ إخوته اتبعوهم يقولون : استوثقوا منه لا يأبق انتهى. وفيه تقدم نظيره في إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ «١» وأنه خرج تعلق الجار إما باعني مضمرة، أو بمحذوف يدل عليه من الزاهدين : أي : وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين، أو بالزاهدين لأنه يتسامح في الجار والظرف. فجوز فيهما ما لا يجوز في غيرهما.
وقال الذي اشتراه من مصر : ذكروا أقوالا متعارضة فيمن اشتراه، وفي الثمن الذي اشتراه به، ولا يتوقف تفسير كتاب اللّه على تلك الأقوال المتعارضة. فقيل : اشتراه رجل من العماليق وقد آمن بيوسف، ومات في حياة يوسف : قيل : وهو إذ ذاك الملك بمصر، واسمه الريان بن الوليد بن بروان بن أراشه بن فاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح، فملك بعده قابوس بن مصعب بن تمر بن السلواس بن فاران بن عمرو المذكور في نسب الريان، فدعاه يوسف إلى الإيمان فأبى، فاشتراه العزيز وهو ابن سبع عشرة سنة، وأقام في منزله ثلاث عشرة سنة، واستوزره الريان بن الوليد وهو ابن ثلاثين سنة، وآتاه اللّه الحكمة والعلم وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة. وقيل : كان الملك في أيامه فرعون موسى عاش أربعمائة سنة، بدليل قوله : وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ «٢» وقيل : فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف، وقيل : عرض في السوق وكان أجمل الناس، فوقعت فيه مزايدة حتى بلغ ثمنا عظيما. فقيل : وزنه من ذهب ومن فضة ومن حرير، فاشتراه العزيز وهو كان صاحب الملك وخازنه، واسم الملك الريان بن الوليد.
وقيل : مصعب بن الريان، وهو أحد الفراعنة، واسم العزيز قطفير، قاله ابن عباس، وقيل :
طفير، وقيل : قنطور، واسم امرأته راعيل، وقيل : زليخا. قال ابن عطية : وظاهر أمر العزيز
(٢) سورة غافر : ٤٠/ ٣٤.