البحر المحيط، ج ٦، ص : ٢٥٧
عنهما، وأبو عمرو في رواية، وهشام في رواية كذلك، إلا أنهم ضموا التاء.
وزيد بن عليّ وابن أبي إسحاق كذلك، إلا أنهما سهلا الهمزة. وذكر النحاس : أنه قرىء بكسر الهاء بعدها ياء ساكنة، وكسر التاء. وقرأ ابن كثير وأهل مكة : بفتح الهاء وسكون الياء وضم التاء، وباقي السبعة أبو عمرو، والكوفيون، وابن مسعود، والحسن، والبصريون، كذلك، إلا أنهم فتحوا التاء. وابن عباس وأبو الأسود، وابن أبي إسحاق، وابن محيصن، وعيسى البصرة كذلك. وعن ابن عباس : هييت مثل حييت، فهذه تسع قراءات هي فيها اسم فعل، إلا قراءة ابن عباس الأخيرة فإنها فعل مبني للمفعول مسهل الهمزة من هيأت الشيء، وإلا من ضم التاء وكسر الهاء سواء همز أم لم يهمز، فإنه يحتمل أن يكون اسم فعل كحالها عند فتح التاء أو كسرها، ويحتمل أن يكون فعلا واقعا ضمير المتكلم من هاء الرجل يهيىء إذا أحسن هيئته على مثال : جاء يجيء، أو بمعنى تهيأت. يقال : هيت وتهيأت بمعنى واحد.
فإذا كان فعلا تعلقت اللام به، وفي هذه الكلمة لغات أخر. وانتصب معاذ اللّه على المصدر أي : عياذا باللّه من فعل السوء، والضمير في إنه الأصح أنه يعود على اللّه تعالى أي : إن اللّه ربي أحسن مثواي إذ نجاني من الجب، وأقامني في أحسن مقام. وإما أن يكون ضمير الشأن وغني بربه سيده العزيز فلا يصلح لي أن أخونه، وقد أكرم مثواي وائتمنني قاله :
مجاهد، والسدي، وابن إسحاق. ويبعد جدا، إذ لا يطلق نبي كريم على مخلوق أنه ربه، ولا بمعنى السيد، لأنه لم يكن في الحقيقة مملوكا له. إنه لا يفلح الظالمون أي المجازون الإحسان بالسوء. وقيل : الزناة، وقيل : الخائنون. وقرأ أبو الطفيل والجحدري مثويّ، كما قرأ يا بشريّ، وما أحسن هذا التنصل من الوقوع في السوء. استعاذ أولا باللّه الذي بيده العصمة وملكوت كل شيء، ثم نبه على أنّ إحسان اللّه أو إحسان العزيز الذي سبق منه لا يناسب أن يجازى بالإساءة، ثم نفى الفلاح عن الظالمين وهو الظفر والفوز بالبغية فلا يناسب أن أكون ظالما أضع الشيء غير موضعه، وأتعدى ما حده اللّه تعالى لي.
ولقد همت به وهم بها لو لا أن رأى برهان ربه طول المفسرون في تفسير هذين الهمين، ونسب بعضهم ليوسف ما لا يجوز نسبته لآحاد الفساق. والذي أختاره أن يوسف عليه السلام لم يقع منه همّ بها البتة، بل هو منفي لوجود رؤية البرهان كما تقول : لقد قارفت لو لا أن عصمك اللّه، ولا تقول : إنّ جواب لو لا متقدم عليها وإن كان لا يقوم دليل على امتناع ذلك، بل صريح أدوات الشرط العاملة مختلف في جواز تقديم أجوبتها عليها، وقد ذهب إلى ذلك الكوفيون، ومن أعلام البصريين أبو زيد الأنصاري، وأبو العباس