البحر المحيط، ج ٦، ص : ٢٦٨
دائما. ولعله يجيبها إلى مرادها على زعمها ذلك، ويوسف قد عصمه اللّه من كل ما تريده به من السوء.
وقرأ الزهري، وأبو جعفر، وشيبة : متكي مشدد التاء من غير همز بوزن متقي، فاحتمل ذلك وجهين : أحدهما : أن يكون من الاتكاء، وفيه تخفيف الهمز كما قالوا في توضأت توضئة. والثاني : يكون مفتعلا من أوكيت السقاء إذا شددته أي : ما يشتددن عليه، إما بالاتكاء، وإما بالقطع بالسكين. وقرأ الأعرج : متكئا مفعلا من تكأ يتكأ إذا اتكأ. وقرأ الحسن، وابن هرمز : متكاء بالمد والهمز، وهو مفتعل من الاتكاء، إلا أنه أشبع الفتحة فتولدت منها الألف كما قالوا : ومن ذم الرجال بمنتزاح. وقالوا :
أعوذ باللّه من العقراب الشائلات عقد الاذناب
وقرأ ابن عباس، وابن عمر، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، والجحدري، والكلبي، وابان بن تغلب : متكئا بضم الميم وسكون التاء وتنوين الكاف، وجاء كذلك عن ابن هرمز. وقرأ عبد اللّه ومعاذ، وكذلك إلا أنهما فتحا الميم، وتقدم تفسير متك، ومتك في المفردات. وقالت : اخرج عليهن، هذا الخطاب ليوسف عليه السلام. وخروجه يدل على طواعيتها فيما لا يعصي اللّه فيه، وفي الكلام حذف تقديره : فخرج عليهن. ومعنى أكبرنه :
أعظمنه ودهشن برؤية ذلك الجمال الفائق الرائع.
قيل : كان فضل يوسف على الناس في الحسن كفضل القمر ليلة البدر على نجوم السماء.
وفي حديث الإسراء أن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم لما أخبر بلقيا يوسف قيل : يا رسول اللّه كيف رأيته؟ قال :«كالقمر ليلة البدر»
وقيل : كان إذا سار في أزقة مصر يرى تلألؤ وجهه على الجدران، كما يرى نور الشمس.
وقيل : كان يشبه آدم يوم خلقه ربه. وقيل : ورث الجمال عن جدته سارة. وقال عبد الصمد بن علي الهاشمي، عن أبيه، عن جده : معناه حضن، وأنشد بعض النساء حجة لهذا التأويل :
تأتي النساء على أطهارهن ولا تأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
قال ابن عطية : وهذا قول ضعيف، والبيت مصنوع مختلق، كذلك قال الطبري وغيره من المحققين، وليس عبد الصمد من رواة العلم رحمه اللّه. وقال الزمخشري : وقيل أكبرن بمعنى حضن، والهاء للسكت يقال : أكبرت المرأة إذا حاضت، وحقيقته من الكبر لأنها بالحيض تخرج عن حد الصغر إلى حد الكبر، وكأن أبا الطيب أخذ من هذا التفسير قوله :
خف اللّه واستر ذا الجمال ببرقع فإن لحت حاضت في الخدور العواتق