البحر المحيط، ج ٦، ص : ٢٨١
السبع العجاف بقرات، كأنه قيل : سبع بقرات عجاف، أو بقرات سبع عجاف. وجاء جمع عجفاء على عجاف، وقياسه عجف كخضراء أو خضر، حملا على سمان لأنه نقيضه. وقد يحمل النقيض على النقيض، كما يحمل النظير على النظير. والتقسيم في البقرات يقتضي التقسيم في السنبلات، فيكون قد حذف اسم العدد من قوله : وأخر يابسات، لدلالة قسميه وما قبله عليه، فيكون التقدير : وسبعا أخر يابسات. ولا يصح أن يكون وأخر مجرورا عطفا على سنبلات خضر، لأنه من حيث العطف عليه كان من جملة مميز سبع، ومن جهة كونه أخر كان مباينا لسبع، فتدافعا بخلاف أن لو كان التركيب سبع سنبلات خضر ويابسات، فإنه كان يصح العطف، ويكون من توزيع السنبلات إلى خضر ويابسات. والملأ : أشراف دولته وأعيانهم الذين يحضرون عند الملك. وقرأ أبو جعفر : بالإدغام في الرؤيا، وبابه بعد قلب الهمزة واوا، ثم قلبها ياء، لاجتماع الواو والياء، وقد سبقت إحداهما بالسكون.
ونصوا على شذوذه، لأن الواو هي بدل غير لازم، واللام في الرؤيا مقوية لوصول الفعل إلى مفعوله إذا تقدم عليه، فلو تأخر لم يحسن ذلك بخلاف اسم الفاعل فإنه لضعفه قد تقوى بها فتقول : زيد ضارب لعمر وفصيحا. والظاهر أن خبر كنتم هو قوله : تعبرون. وأجاز الزمخشري فيه وجوها متكلفة أحدها : أن تكون الرؤيا للبيان قال : كقوله : وكانوا فيه من الزاهدين، فتتعلق بمحذوف تقديره أعني فيه، وكذلك تقدير هذا إن كنتم أعني الرؤيا تعبرون، ويكون مفعول تعبرون محذوفا تقديره تعبرونها. والثاني : أن تكون الرؤيا خبر كان قال : كما تقول : كان فلان لهذا الأمر إذا كان مستقلا به متمكنا منه، وتعبرون خبرا آخر أو حالا. والثالث : أن يضمن تعبرون معنى فعل يتعدى باللام، كأنه قيل : إن كنتم تنتدبون لعبارة الرّؤيا، وعبارة الرّؤيا مأخوذة من عبر النهر إذا جازه من شط إلى شط، فكان عابر الرّؤيا ينتهي إلى آخر تأويلها. وعبر الرّؤيا بتخفيف الباء ثلاثيا وهو المشهور، وأنكر بعضهم التشديد، وأنشد المبرد في الكامل قول الشاعر :
رأيت رؤيا ثم عبرتها وكنت للأحلام عبارا
وأضغاث جمع ضغث أي تخاليط أحلام، وهي ما يكون من حديث النفس، أو وسوسة الشيطان، أو مزاج الإنسان. وأصله أخلاط النبات، استعير للأحلام، وجمعوا الأحلام. وأن رؤياه واحدة إما باعتبار متعلقاتها إذ هي أشياء، وإما باعتبار جواز ذلك كما تقول : فلان يركب الخيل وإن لم يركب إلا فرسا واحدا، تعليقا بالجنس. وإما بكونه قص


الصفحة التالية
Icon