البحر المحيط، ج ٦، ص : ٣٠٤
أبو رجاء : صوع على وزن قوس. وقرأ عبد اللّه بن عون بن أبي أرطيان : صوع بضم الصاد، وكلها لغات في الصاع. وقرأ الحسن، وابن جبير فيما نقل عنهما صاحب اللوامح :
صواغ بالغين المعجمة على وزن غراب. وقرأ يحيى بن يعمر كذلك، إلا أنه يحذف الألف ويسكن الواو. وقرأ زيد بن علي : صوغ مصدر صاغ، وصواغ صوغ مشتقان من الصوغ مصدر صاغ يصوغ، أقيما مقام المفعول بمعنى مصوغ الملك. ولمن جاء به أي : ولمن دل على سارقه وفضحه، وهذا جعل وأنا به زعيم من كلام المؤذن. وأنا بحمل البعير كفيل أؤديه إلى من جاء به، وأراد به وسق بعير من طعام جعلا لمن حصله. قالوا : تاللّه أقسموا بالتاء من حروف القسم، لأنها تكون فيها التعجب غالبا كأنهم عجبوا من رميهم بهذا الأمر. وروي أنهم ردوا البضاعة التي وجدوها في الطعام وتحرجوا من أكل الطعام بلا ثمن، وكانوا قد اشتهروا بمصر بصلاح، وكانوا يجعلون الأكمة في أفواه إبلهم لئلا تنال زروع الناس، فأقسموا على إثبات شيء قد علموه منهم، وهو أنكم قد علمتم أن مجيئنا لم يكن لفساد، ثم استأنفوا الإخبار عن نفي صفة السرقة عنهم، وأن ذلك لم يوجد منهم قط. ويحتمل أن يكون في حيز جواب القسم، فيكون معطوفا على قوله : لقد علمتم. قال ابن عطية : والتاء في تاللّه بدل من واو، كما أبدلت في تراث، وفي التوراة، والتخمة، ولا تدخل التاء في القسم إلا في المكتوبة من بين أسماء اللّه تعالى وغير ذلك لا تقول : تالرحمن، ولا تالرحيم انتهى. أما قوله : والتاء في تاللّه بدل من واو، فهو قول أكثر النحويين. وخالفهم السهيلي فزعم أنها أصل بنفسها وليست بدلا من واو، وهو الصحيح على ما قررناه في النحو. وأما قوله : وفي التوراة فعلى مذهب البصريين إذ زعموا أنّ الأصل ورواة من ورى الزند. ومن النحويين من زعم أن التاء زائدة، وذلك مذكور في النحو. وأما قوله : ولا تدخل إلى آخره فقد حكي عن العرب دخولها على الرب، وعلى الرحمن، وعلى حياتك، قالوا : ترب الكعبة، وتالرحمن، وتحياتك. والخطاب في لقد علمتم لطالبي الصواع، والضمير في جزاؤه عائد على السارق.
فما جزاء السارق إن كنتم كاذبين في قولكم : وما كنا سارقين له؟
قاله ابن عطية. وقال الزمخشري : فما جزاؤه الضمير للصواع أي : فما جزاء سرقته إن كنتم كاذبين في جحودكم وادعائكم البراءة منه انتهى. وقوله : هو الظاهر لاتحاد الضمائر في قوله : قالوا جزاؤه من وجد في رحله، إذ التقدير إذ ذاك قال : جزاء الصاع، أي : سرقته من وجد الصاع في رحله. وقولهم : جزاؤه من وجد في رحله، كلام من لم يشك أنهم برآء مما رموا به، ولاعتقادهم البراءة علقوا الحكم على وجدان الصاع لا على سرقته، فكأنهم