البحر المحيط، ج ٦، ص : ٣٩٦
سلام وكعب وأصحابهما، ومن أسلم من النصارى وهم ثمانون رجلا : أربعون من نجران، وثمانية من اليمن، واثنان وثلاثون من الحبشة. ومن الأحزاب يعني : ومن أحزابهم وهم كفرتهم الذين تحزبوا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالعداوة نحو : كعب بن الأشرف وأصحابه، والسيد والعاقب أسقفي نجران وأشياعهما، ومن ينكر بعضه لأنهم كانوا لا ينكرون الأقاصيص وبعض الأحكام والمعاني مما هو ثابت في كتبهم غير محرف، وكانوا ينكرون ما هو نعت الإسلام، ونعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مما حرفوه وبدلوه انتهى. وعن ابن عباس، وابن زيد : في مؤمني اليهود كعبد اللّه بن سلام وأصحابه، وعن قتادة في أصحاب الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، مدحهم اللّه تعالى بأنهم يسرون بما أنزل إليك من أمر الدين. وعن مجاهد، والحسن، وقتادة : أن المراد بأهل الكتاب جميعهم يفرحون بما أنزل من القرآن، إذ فيه تصديق كتبهم، وثناء على أنبيائهم وأحبارهم ورهبانهم الذين هم على دين موسى وعيسى عليهما السلام. وضعف هذا القول بأنّ همهم به أكثر من فرحهم، فلا يعتد بفرحهم. وأيضا فإنّ اليهود والنصارى ينكرون بعضه، وقد قذف تعالى بين الذين ينكرون بعضه وبين الذين آتيناهم الكتاب. والأحزاب قال مجاهد : هم اليهود، والنصارى، والمجوس. وقالت فرقة :
هم أحزاب الجاهلية من العرب. وقال مقاتل : الأحزاب بنو أمية، وبنو المغيرة، وآل أبي طلحة. ولما كان ما أنزل إليه يتضمن عبادة اللّه ونفي الشريك، أمر بجواب المنكرين، فقيل له : قل إنما أمرت أن أعبد اللّه ولا أشرك به، فإنكاركم لبعض القرآن الذي أنزل لعبادة اللّه وتوحيده، وأنتم تدعون وجوب العبادة ونفي الشريك إليه، أدعوا إلى شرعه ودينه، وإليه مرجعي عند البعث يوم القيامة في جميع أحوالي في الدنيا والآخرة. وقرأ أبو جليد عن نافع : ولا أشرك بالرفع على القطع أي : وأنا لا أشرك به. وجوز أن يكون حالا أي : أن أعبد اللّه غير مشرك به. وكذلك أي : مثل إنزالنا الكتاب على الأنبياء قبلك، لأن قوله :
والذين آتيناهم الكتاب، يتضمن إنزاله الكتاب، وهذا الذي أنزلناه هو بلسان العرب، كما أن الكتب السابقة بلسان من نزلت عليه : وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ «١» وأراد بالحكم أنه يفصل بين الحق والباطل ويحكم. وقال ابن عطية : وقوله :
وكذلك المعنى : كما يسرنا لهؤلاء الفرح ولهؤلاء الإنكار لبعض كذلك أنزلناه حكما عربيا انتهى. وانتصب حكما على الحال من ضمير النصب في أنزلناه، والضمير عائد على القرآن، والحكم ما تضمنه القرآن من المعاني. ولما كانت العبارة عنه بلسان العرب نسبه