البحر المحيط، ج ٦، ص : ٤٣٣
والحسن، أي كل سنة، ولذلك قال ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، والحكم، وحماد، وجماعة من الفقهاء : من حلف أن لا يفعل شيئا حينا فإنه لا يفعله سنة، واستشهدوا بهذه الآية. وقيل : ثمانية أشهر قاله علي
ومجاهد، ستة أشهر وهي مدة بقاء الثمر عليها.
وقال ابن المسيب : الحين شهران، لان النخلة تدوم مثمرة شهرين. وقيل : لا تتعطل من ثمر تحمل في كل شهر، وهي شجرة جوز الهند. وقال ابن عباس أيضا والضحاك، والربيع : كل حين أي كل غدوة وعشية، ومتى أريد جناها ويتخرج على أنها شجرة في الجنة. والتذكر المرجو بضرب المثل هو التفهم والتصور للمعاني المدركة بالعقل، فمتى أبرزت بالمحسوسات لم ينازع فيها الحس والخيال والوهم، وانطبق المعقول على المحسوس، فحصل الفهم والوصول إلى المطلوب. والكلمة الخبيثة هي كلمة الكفر على قول الجمهور. وقال مسروق : الكذب، وقال : إن تجر دعوة الكفر وما يعزى إليه الكافر.
وقيل : كل كلام لا يرضاه اللّه تعالى. وقرأ أبي : وضرب اللّه مثلا كلمة خبيثة، وقرىء : ومثل كلمة بنصب مثل عطفا على كلمة طيبة.
والشجرة الخبيثة شجرة الحنظل قاله الأكثرون :
ابن عباس، ومجاهد، وأنس بن مالك، ورواه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الزجاج وفرقة : شجرة الثوم. وقيل : شجرة الكشوت، وهي شجرة لا ورق لها ولا أصل قال : وهي كشوت فلا أصل ولا ثمر. وقال ابن عطية : ويرد على هذه الأقوال أن هذه كلها من النجم وليست من الشجر، واللّه تعالى إنما مثل بالشجر فلا تسمى هذه شجرة إلا بتحوّز،
فقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الثوم والبصل «من أكل من هذه الشجرة»
وقيل : الطحلبة. وقيل :
الكمأة. وقيل : كل شجر لا يطيب له ثمر. وعن ابن عباس : هي الكافر، وعنه أيضا :
شجرة لم تخلق على الأرض. وقال ابن عطية : والظاهر عندي أنّ التشبيه وقع بشجرة غير معينة، إذا وجدت منها هذه الأوصاف هو أن يكون كالعضاة أو شجرة السموم ونحوها إذا اجتثت أي : اقتلعت جثها بنزع الأصول وبقيت في غاية الوهي والضعف، فتقلبها أقل ريح. فالكافر يرى أنّ بيده شيئا وهو لا يستقر ولا يغني عنه كهذه الشجرة التي يظن بها على بعد الجاهل أنها شيء نافع، وهي خبيثة الجني غير نافعة انتهى. واجتثت من فوق الأرض مقابل لقوله : أصلها ثابت أي : لم يتمكن لها أصل ولا عرق في الأرض، وإنما هي نابتة على وجه الأرض. ما لها من قرار أي : استقرار. يقال : أقر الشيء قرارا ثبت ثباتا، شبه بهذه الشجرة القول الذي لم يعضد بحجة، فهو لا يثبت بل يضمحل عن قريب لبطلانه، والقول الثابت هو الذي ثبت بالحجة والبرهان في قلب صاحبه وتمكن فيه، واطمأنت إليه


الصفحة التالية
Icon