البحر المحيط، ج ٦، ص : ٤٤٨
علي : إفادة على وزن إشارة. ويظهر أن الهمزة بدل من الواو المكسورة كما قالوا : أشاح في وشاح، فالوزن فعالة أي : فاجعل ذوي وفادة. ويجوز أن يكون مصدر أفاد إفادة، أو ذوي إفادة، وهم الناس الذين يفيدون وينتفع بهم. وقرأ الجمهور : تهوي إليهم أي تسرع إليهم وتطير نحوهم شوقا ونزاعا، ولما ضمن تهوي معنى تميل عداه بإلى، وأصله أن يتعدى باللام. قال الشاعر :
حتى إذا ما هوت كف الوليد بها طارت وفي كفه من ريشها تبك
ومثال ما في الآية قول الشاعر :
تهوى إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمن الجن ككفارها
وقرأ مسلمة بن عبد اللّه : تهوي بضم التاء مبنيا للمفعول من أهوى المنقولة بهمزة التعدية من هوى اللازمة، كأنه قيل : يسرع بها إليهم. وقرأ علي بن أبي طالب، وزيد بن علي، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، ومجاهد : تهوى مضارع هوى بمعنى أحب
، ولما ضمن معنى النزوع والميل عدى بإلى. وارزقهم من الثمرات مع سكانهم واديا ما فيه شيء منها بأن يجلب إليهم من البلاد كقوله : يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ «١» وروي عن مسلم بن محمد الطائفي أنه لما دعا عليه السلام بأن يرزق سكان مكة الثمرات، بعث اللّه جبريل عليه السلام فاقتلع بجناحه قطعه من فلسطين. وقيل : من الأردن فجاء بها، وطاف بها حول البيت سبعا، ووضعها قريب مكة فهي الطائف.
وبهذه القصة سميت وهي موضع ثقيف، وبها أشجار وثمرات. وروي نحو منه عن ابن عباس. لعلهم يشكرون. قال الزمخشري النعمة في أن يرزقوا أنواع الثمرات حاضرة في واد بباب ليس فيه نجم ولا شجر ولا ماء، لا جرم أنّ اللّه عز وجل أجاب دعوة إبراهيم فجعله حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا، ثم فضله في وجود أصناف الثمار فيه على كل ريف، وعلى أخصب البلاد وأكثرها ثمارا، وفي أي بلد من بلاد الشرق والغرب ترى الأعجوبة التي يريكها اللّه.
بواد غير ذي زرع وهي : اجتماع البواكير والفواكه المختلفة الأزمان من الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد، وليس ذلك من آياته بعجيب.
رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي