البحر المحيط، ج ٦، ص : ٤٥٨
وقال أبو البقاء : لا يجوز أن يكون ظرفا فالمخلف ولا لوعده، لأنّ ما قبل أن لا يعمل فيما بعدها، ولكن جوز أن يلحق من معنى الكلام ما يعمل في الظرف أي : لا يخلف وعده يوم تبدل انتهى. وإذا كان إن وما بعدها اعتراضا، لم يبال أنه فصلا بين العامل والمعمول، أو معمولا لانتقام قاله : الزمخشري، والحوفي، وأبو البقاء، أولا ذكر قاله أبو البقاء. وقرىء :
نبدل بالنون الأرض بالنصب، والسموات معطوف على الأرض، وثم محذوف أي : غير السموات، حذف لدلالة ما قبله عليه. والظاهر استئناف. وبرزوا. وقال أبو البقاء يجوز أن يكون حالا من الأرض، وقد معه مزادة. ومعنى للّه : لحكم اللّه، أو لموعوده من الجنة والنار. وقرأ زيد بن علي : وبرزوا بضم الباء وكسر الراء مشددة جعله مبنيا للمفعول على سبيل التكثير بالنسبة إلى العالم وكثرتهم، لا بالنسبة إلى تكرير الفعل. وجيء بهذين الوصفين وهما : الواحد وهو الواحد الذي لا يشركه أحد في ألوهيته، ونبه به على أنّ آلهتهم في ذلك اليوم لا تنفع. والقهار وهو الغالب لكل شيء، وهذا نظير قوله تعالى : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ «١». وترى المجرمين يومئذ يوم إذ تبدل، وبرزوا مقرنين مشدودين في القرن أي : مقرون بعضهم مع بعض في القيود والأغلال، أو مع شياطينهم، كل كافر مع شيطانه في غل أو تقرن أيديهم إلى أرجلهم مغللين. والظاهر تعلق في الأصفاد بقوله : مقرنين أي : يقرنون في الأصفاد. ويجوز أن يكون في موضع الصفة لمقرنين، وفي موضع الحال، فيتعلق بمحذوف كأنه قيل : مستقرين في الأصفاد. وقال الحسن : ما في جهنم واد، ولا مفازة، ولا قيد، ولا سلسلة، إلا اسم صاحبه مكتوب عليه.
وقرأ علي، وأبو هريرة، وابن عباس، وعكرمة، وابن جبير، وابن سيرين، والحسن، بخلاف عنه. وسنان بن سلمة بن المحنق، وزيد بن علي، وقتادة، وأبو صالح، والكلبي، وعيسى الهمداني، وعمرو بن فائد، وعمرو بن عبيد من قطر بفتح القاف وكسر الطاء وتنوين الراء
، أنّ اسم فاعل من أنى صفة لقطر. قيل : وهو القصدير، وقيل : النحاس. وعن عمر رضي اللّه عنه أنه قال : ليس بالقطران، ولكنه النحاس يصير بلونه. والآني الذائب الحار الذي قد تناهى حره. قال الحسن : قد سعرت عليه جهنم منذ خلقت، فتناهى حره. وقال ابن عباس : أي آن أن يعذبوا به يعني : حان تعذيبهم به. وقال الزمخشري : ومن شأنه.
أي : القطران، أن يسرع فيه اشتعال النار، وقد يستسرج به، وهو أسود اللون منتن الريح،

(١) سورة غافر : ٤٠/ ١٦.


الصفحة التالية
Icon