البحر المحيط، ج ٦، ص : ٤٦٤
مسلمين. قال مجاهد وقتادة : الكتاب هنا ما نزل من الكتب قبل القرآن، فعلى قولهما تكون تلك إشارة إلى آيات الكتاب. قال ابن عطية : ويحتمل أن يراد بالكتاب القرآن، وعطفت الصفة عليه، ولم يذكر الزمخشري إلا أن تلك الإشارة لما تضمنته السورة من الآيات قال : والكتاب والقرآن المبين السورة، وتنكير القرآن للتفخيم، والمعنى : تلك آيات الكتاب الكامل في كونه كتابا، وآي قرآن مبين كأنه قيل : والكتاب الجامع للكمال والغرابة في الشأن، والظاهر أنّ ما في ربما مهيئة، وذلك أنها من حيث هي حرف جر لا يليها إلا الأسماء، فجيء بما مهيئة لمجيء الفعل بعدها. وجوزوا في ما أن تكون نكرة موصوفة، ورب جازة لها، والعائد من جملة الصفة محذوف تقديره : رب شيء يوده الذين كفروا. ولو كانوا مسلمين بدل من ما على أنّ لو مصدرية. وعلى القول الأول تكون في موضع نصب على المفعول ليود، ومن لا يرى أن لو تأتي مصدرية جعل مفعول يود محذوفا. ولو في لو كانوا مسلمين حرف لما كان سيقع لوقوع غيره، وجواب لو محذوف أي : ربما يود الذين كفروا الإسلام لو كانوا مسلمين لسروا بذلك وخلصوا من العذاب، ولما كانت رب عند الأكثرين لا تدخل على مستقبل تأولوا يود في معنى ودّ، لما كان المستقبل في إخبار اللّه لتحقق وقوعه كالماضي، فكأنه قيل : ود، وليس ذلك بلازم، بل قد تدخل على المستقبل لكنه قليل بالنسبة إلى دخولها على الماضي. ومما وردت فيه للمستقبل قول سليم القشيري :
ومعتصم بالجبن من خشية الردى سيردي وغاز مشفق سيؤب
وقول هند أم معاوية :
يا رب قائلة غدا يا لهف أم معاوية
وقول جحدر :
فإن أهلك فرب فتى سيبكي عليّ مهذب رخص البنان
في عدة أبيات. وقول أبي عبد اللّه الرازي : أنهم اتفقوا على أنّ كلمة رب مختصة بالدخول على الماضي لا يصح، فعلى هذا لا يكون يودّ محتاجا إلى تأويل. وأما من تأول ذلك على إضمار كان أي : ربما كان يودّ فقوله ضعيف، وليس هذا من مواضع إضمار كان. ولما كان عند الزمخشري وغيره أنّ رب للتقليل احتاجوا إلى تأويل مجيء رب هنا، وطول