البحر المحيط، ج ٦، ص : ٤٩٠
الملائكة للوط لعمرك، وكنى عن الضلالة والغفلة بالسكرة أي : تحيرهم في غفلتهم، وضلالتهم منعهم عن إدراك الصواب الذي يشير به من ترك البنين إلى البنات. وقيل :
الخطاب للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو قول الجمهور ابن عباس، وأبو الحوراء، وغيرهما. أقسم تعالى بحياته تكريما له. والعمر : بفتح العين وضمها البقاء، وألزموا الفتح القسم، ويجوز حذف اللام، وبذلك قرأ ابن عباس : وعمرك. وقال أبو الهيثم : لعمرك لدينك الذي يعمر، وأنشد :
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك اللّه كيف يلتقيان
أي : عبادتك اللّه. وقال ابن الأعرابي : عمرت ربي أي عبدته، وفلان عامر لربه أي عابد.
قال : ويقال تركت فلانا يعمر ربه أي يعبده، فعلى هذا لعمرك لعبادتك. وقال الزجاج :
ألزموا الفتح القسم لأنه أخف عليهم، وهم يكثرون القسم بلعمري ولعمرك فلزموا الأخف، وارتفاعه بالابتداء، والخبر محذوف أي : ما أقسم به. وقال بعض أصحاب المعاني :
لا يجوز أن يضاف إلى اللّه، لأنه لا يقال للّه تعالى عمر، وإنما يقال : هو أزلي، وكأنه يوهم أنّ العمر لا يقال إلا فيما له انقطاع، وليس كذلك العمر، والعمر البقاء. قال الشاعر :
إذا رضيت عليّ بنو قشير لعمر اللّه أعجبني رضاها
وقال الأعشى :
ولعمر من جعل الشهور علامة فبين منها نقصها وكمالها
وكره النخعي أن يقال : لعمري، لأنه حلف بحياة المقسم. وقال النابغة :
لعمري وما عمري عليّ بهين والضمير في سكرتهم عائد على قوم لوط، وقال الطبري : لقريش، وهذا
مروي عن ابن عباس. قال : ما خلق اللّه نفسا أكرم على اللّه من محمد
قال له : وحياتك إنهم أي قومك من قريش لفي سكرتهم أي ضلالهم، وجهلهم يعمهون يتردّدون. قال ابن عطية :
وهذا بعيد لانقطاعه مما قبله وما بعده. وقرأ الأشهب : سكرتهم بضم السين، وابن أبي عبلة : سكراتهم بالجمع، والأعمش : سكرهم بغير تاء، وأبو عمرو في رواية الجهضمي :
أنهم بفتح همزة أنهم. والصيحة : صيحة الهلاك. وقيل : صوت جبريل عليه السلام. وقال ابن عطية : هي صيحة الوحشة، وليست كصيحة ثمود مشرقين : داخلين في الشروق، وهو