البحر المحيط، ج ٦، ص : ٥٢٣
إذا كان موصولا، وضمن معنى الشرط، لأنه لا يجوز دخولها في مثل هذا الفعل مع صريح الشرط، فلا يجوز فيما ضمن معناه. وقرأ حمزة، والأعمش : يتوفاهم بالياء من أسفل في الموضعين. وقرىء : بإدغام تاء المضارعة في التاء بعدها، وفي مصحف عبد اللّه بتاء واحدة في الموضعين. والسلم هنا الاستسلام. قاله الأخفش، أو الخضوع قاله مقاتل. أي، انقادوا حين عاينوا الموت قد نزل بهم. وقيل : في القيامة انقادوا وأجابوا بما كانوا على خلافه في الدنيا من الشقاق والكبر. والظاهر عطف فألقوا على تتوفاهم، وأجاز أبو البقاء أن يكون معطوفا على قوله : الذين، وأن يكون مستأنفا.
وقيل : تم الكلام عند قوله : ظالمي أنفسهم، ثم عاد الكلام إلى حكاية كلام المشركين يوم القيامة، فعلى هذا يكون قوله : قال الذين إلى قوله فألقوا، جملة اعتراضية بين الإخبار بأحوال الكفار ما كنا نعمل من سوء هو على إضمار القول أي : ونعتهم بحمل السوء، إما أن يكون صريخ كذب كما قالوا : واللّه ربنا ما كنا مشركين، فقال تعالى : انظر كيف كذبوا على أنفسهم. وإما أن يكون المعنى : عند أنفسنا أي لو كان الكفر عند أنفسنا سواء ما علمناه. ويرجح الوجه الأول الرد عليهم ببلى، إذ لو كان ذلك على حسب اعتقادهم لما كان الجواب بلى، على أنه يصح على الوجه الثاني أن يرد عليهم ببلى، والمعنى : أنكم كذبتم في اعتقادكم أنه ليس بسوء، بل كنتم تعتقدون أنه سوء لأنكم تبينتم الحق وعرفتموه وكفرتم لقوله : فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ «١» وقوله : وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا «٢» والظاهر أنّ هذا السياق كله هو مع أهل العلم والكفار، وإن أهل العلم هم الذين ردوا عليهم إخبارهم بنفي عمل السوء. ويجوز أن يكون الرد من الملائكة وهم الآمروهم بالدخول في النار، يسوقونهم إليها. وقيل : الخزنة، والظاهر الأبواب حقيقة. وقيل : المراد الدركات. وقيل : الأصناف كما يقال : فلان ينظر في باب من العلم أي صنف. وأبعد من قال : المراد بذلك عذاب القبر مستدلا بما
جاء «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار»
ولما أكذبوهم من دعواهم أخبروا أنه هو العالم بأعمالهم، فهو المجازى عليها، ثم أمروهم بالدخول، واللام في فلبئس لام تأكيد، ولا تدخل على الماضي المنصرف، ودخلت على الجامد لبعده عن الأفعال وقربه من الأسماء.
(٢) سورة النحل : ١٦/ ١٤. [.....]