البحر المحيط، ج ٦، ص : ٥٤٦
لا يجوز حذفه إلا بعد أن وحدها في باب الاشتغال، أو متلوّة بما النافية مدلولا عليه بما قبله، نحو قوله :
فطلقها فلست لها بكفء وإلا يعل مفرقك الحسام
أي : وإلا تطلقها، حذف تطلقها الدلالة طلقها عليه، وحذفه بعد أن متلوة بلا مختص بالضرورة نحو قوله :
قالت بنات العم يا سلمى وإن كان فقيرا معدما قالت وإن
أي : وإن كان فقيرا معدما، وأما غير إن من أدوات الشرط فلا يجوز حذفه إلا مدلولا عليه في باب الاشتغال مخصوصا بالضرورة نحو قوله : أينما الريح تميلها تمل. التقدير : أينما تميلها الريح تميلها تمل. ولما ذكر تعالى أنّ جميع النعم منه ذكر حالة افتقار العبد إليه وحده، حيث لا يدعو ولا يتضرع لسواه، وهي حالة الضر والضر، يشمل كل ما يتضرر به من مرض أو فقر أو حبس أو نهب مال وغير ذلك. وقرأ الزهري : تجرون بحذف الهمزة، وإلقاء حركتها على الجيم. وقرأ قتادة : كاشف، وفاعل هنا بمعنى فعل، وإذا الثانية للفجاءة. وفي ذلك دليل على أنّ إذا الشرطية ليس العامل فيها الجواب، لأنه لا يعمل ما بعد إذا الفجائية فيما قبلها. ومنكم : خطاب للذين خوطبوا بقوله : وما بكم من نعمة، إذ بكم خطاب عام. والفريق هنا هم المشركون المعتقدون حالة الرجاء أنّ آلهتهم تنفع وتضر وتشقى. وعن ابن عباس : المنافقون. وعن ابن السائب : الكفار. ومنكم في موضع الصفة، ومن للتبعيض، وأجاز الزمخشري أن تكون من للبيان لا للتبعيض قال : كأنه قال فإذا فريق كافر وهم أنتم. قال : ويجوز أن تكون فيهم من اعتبر كقوله : فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ «١» انتهى واللام في ليكفروا، إن كانت للتعليل كان المعنى : أنّ إشراكهم باللّه سببه كفرهم به، أي جحودهم أو كفران نعمته، وبما آتيناهم من النعم، أو من كشف الضر، أو من القرآن المنزل إليهم. وإن كانت للصيرورة فالمعنى : صار أمرهم ليكفروا وهم لم يقصدوا بأفعالهم تلك أن يكفروا، بل آل أمر ذلك الجؤار والرغبة إلى الكفر بما أنعم عليهم، أو إلى الكفر الذي هو جحوده والشرك به. وإن كانت للأمر فمعناه التهديد والوعيد. وقال الزمخشري : ليكفروا فتمتعوا، يجوز أن يكون من الأمر الوارد في معنى الخذلان والتخلية، واللام لام الأمر انتهى. ولم يخل كلامه من ألفاظ المعتزلة، وهي قوله :