البحر المحيط، ج ٦، ص : ٥٦٦
الانفصال في الإضافة حسن عمله، وقد جاء عاملا مع الألف واللام في قول الشاعر :
ضعيف النكاية أعداءه البيت. وقوله :
لحقت فلم أنكل عن الضرب مسمعا انتهى. أما قوله : يعمل مضافا بالاتفاق إن عنى من البصريين فصحيح، وإن عنى من النحويين فغير صحيح، لأنّ بعض النحويين ذهب إلى أنه وإن أضيف لا يعمل، وإن نصب ما بعده أو رفعه إنما هو على إضمار الفعل المدلول عليه بالمصدر. وأما قوله : لأنه في تقدير الانفصال ليس كذلك، لأنه لو كان في تقدير الانفصال لكانت الإضافة غير محضة، وقد قال بذلك أبو القاسم بن برهان، وأبو الحسين بن الطراوة، ومذهبهما فاسد لنعت هذا المصدر المضاف، وتوكيده بالمعرفة. وأما قوله : ولا يعمل إلى آخره فقد ناقض في قوله أخيرا : وقد جاء عاملا مع الألف واللام. وأما كونه لا يعمل مع الألف واللام فهو مذهب منقول عن الكوفيين، ومذهب سيبويه جواز أعماله. قال سيبويه : وتقول عجبت من الضرب زيدا، كما تقول : عجبت من الضارب زيدا، تكون الألف واللام بمنزلة التنوين. وإذا كان رزقا يراد به المرزوق فقالوا : انتصب شيئا على أنه بدل من رزقا، كأنه قيل : ما لا يملك لهم من السموات والأرض شيئا، وهو البدل جاريا على جهة البيان لأنه أعم من رزق، ولا على جهة التوكيد لأنه لعمومه ليس مرادفا، فينبغي أن لا يجوز، إذ لا يخلو البدل من أحد نوعيه هذين : إما البيان، وإما التوكيد. وأجازوا أيضا أن يكون مصدرا أي : شيئا من الملك كقوله : ولا تضرونه شيئا أي شيئا من الضرر. وعلى هذين الإعرابين تتعلق من السموات بقوله : لا يملك، أو يكون في موضع الصفة لرزق فيتعلق بمحذوف.
ومن السموات رزقا يعني به المطر، وأطلق عليه رزق لأنه عنه ينشأ الرزق. والأرض يعني : الشجر، والثمر، والزرع. والظاهر عود الضمير في يستطيعون على ما على معناها، لأنه يراد بها آلهتهم، بعد ما عاد على اللفظ في قوله : ما لا يملك، فأفرد وجاز أن يكون داخلا في صلة ما، وجاز أن لا يكون داخلا، بل إخبار عنهم بانتفاء الاستطاعة أصلا، لأنهم أموات. وأما قول الزمخشري : إنه يراد بالجمع بين نفي الملك والاستطاعة التوكيد فليس كما ذكر، لأنّ نفي الملك مغاير لنفي الاستطاعة. وقال ابن عباس : ولا يستطيعون أن يرزقوا أنفسهم. وجوز الزمخشري وابن عطية : أن يعود الضمير على ما عاد عليه في قوله :