البحر المحيط، ج ٦، ص : ٥٧٠
موصولة. وقال الحوفي : من بمعنى الذي، ولا يقتضي ضرب المثل لشخصين موصوفين بأوصاف متباينة تعيينهما، بل ما روي في تعيينهما من أنهما : عثمان بن عفان رضي اللّه عنه وعبد له أو أنهما أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه وأبو جهل، لا يصح إسناده. وجمع الضمير في يستوون ولم يثن لسبق اثنين، لأن من يحتمل أن يراد بها الجمع فيصير إذ ذاك جمع الضمير لانتظام العبد المملوك والأغنياء في الجمع، وكأنه قيل : عبدا مملوكا. والملاك المرزوقون المنفقون. ويحتمل أن يراد بعبدا مملوكا الجنس، فيصلح عود الضمير جمعا عليه، وعلى جنس الأغنياء. ويحتمل أن يعود على العبيد والأحرار وإن لم يجر للجمعين ذكر، لدلالة عبد مملوك ومن رزقناه عليهما.
قل : الحمد للّه، الظاهر أنه خطاب للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم. وقيل : يحتمل أن يكون خطابا لمن رزقه اللّه، أمره أن يحمد اللّه على أنّ ميزه بهذه القدرة على ذلك الضعيف. وقال ابن عطية :
الحمد للّه شكر على بيان الأمر بهذا المثل، وعلى إذعان الخصم له كما تقول لمن أذعن لك في حجة وسلم تبنى أنت عليه، قولك : اللّه أكبر على هذا يكون كذا وكذا، فلما قال هنا : هل يستوون، فكأن الخصم قال له : لا، فقال : الحمد للّه ظهرت الحجة انتهى.
وقيل : الحمد للّه أي : هو المستحق للحمد دون ما يعبدون من دونه، إذ لا نعمة للأصنام عليهم فتحمد عليها، إنما الحمد الكامل للّه لأنه المنعم الخالق. وقال ابن عباس : الحمد للّه على ما فعل بأوليائه وأنعم عليهم بالتوحيد. والظاهر نفي العلم عن أكثرهم، لأنّ منهم من بان له الحق ورجع إليه، أو أكثر الخلق لأن الأكثر هم المشركون. وقيل : المراد به العموم أي : بل هم لا يعلمون. ومتعلق يعلمون محذوف، إما لأنّ المعنى نفي العلم عن الأكثر ولم يلحظ متعلقه، وإما لأنه محذوف يترتب على الأقوال التي سببها قوله الحمد للّه.
وضرب اللّه مثلا رجلين أي قصة رجلين. قال الزمخشري : وهذا مثل ثان ضربه لنفسه ولما يفيض على عباده ويشملهم من آثار رحمته وألطافه ونعمه الدينية والدنيوية، والأصنام التي هي أموات لا تضر ولا تنفع. والأبكم الذي ولد أخرس لا يفهم ولا يفهم.
وهو كلّ على مولاه أي : ثقيل، وعيال على من يلي أمره ويعوله. أينما يوجهه : حيثما يرسله ويصرفه في مطلب حاجة أو كفاية مهم لم ينفع ولم يأت بنجح. هل يستوي هو، ومن هو سليم الحواس نفاع ذو كفايات مع رشد وديانة، فهو يأمر الناس بالعدل، وهو في نفسه على صراط مستقيم على سيرة صالحة، ودين قويم انتهى. وقال ابن عباس : أحدهما أبكم مثل