البحر المحيط، ج ٦، ص : ٥٨١
للّه في العبادة، ولا آلهة نزهوا اللّه تعالى عن أن يكونوا شركاء له.
واحتمل أن يكون عائدا على الإخبار الثاني وهو العبادة، لما لم يكونوا راضين بالعبادة جعلوا عبادتهم كلا عبادة، أو لما لم يدعوهم إلى العبادة. ألا ترى أنّ الأصنام والأوثان لا شعور لها بالعبادة، فضلا عن أن يدعو وإن من عبد من صالحي المؤمنين والملائكة، لم يدع إلى عبادته. وإن كان الشركاء الشياطين جاز أن يكونوا كاذبين في إخبارهم بكذب من عبدهم، كما كذب إبليس في قوله :
إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ «١» والضمير في فألقوا إلى اللّه عائد على الذين أشركوا، قاله الأكثرون. والسلم : الاستسلام والانقياد لحكم اللّه بعد الإباء والاستكبار في الدنيا، فلم يكن لهم إذ ذاك حيلة ولا دفع. وروى يعقوب عن أبي عمرو : السلم بإسكان اللام. وقرأ مجاهد : بضم السين واللام. وقيل : الضمير عائد على الذين أشركوا، وشركائهم كلهم. قال الكلبي : استسلموا منقادين لحكمه، والضمير في وضلوا عائد على الذين أشركوا خاصة أي : وبطل عنهم ما كانوا يفترون من أنّ للّه شركاء وأنهم ينصرونهم ويشفعون لهم حين كذبوهم وتبرأوا منهم، والظاهر أنّ الذين مبتدأ وزدناهم الخبر. وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون قوله : الذين، بدلا من الضمير في يفترون. وزدناهم فعل مستأنف إخباره. وصدوا عن سبيل اللّه أي : غيرهم زدناهم عذابا بسبب الصد فوق العذاب، أي :
الذي ترتب لهم على الكفر ضاعفوا كفرهم، فضاعف اللّه عقابهم. وهذا المزيد عن ابن مسعود عقارب كأمثال النخل الطوال، وعنه : حيات كأمثال الفيلة، وعقارب كأمثال البغال.
وعن ابن عباس : أنها من صفر مذاب تسيل من تحت العرش يعذبون بها، وعن الزجاج :
يخرجون من حر النار إلى الزمهرير، فيبادرون من شدة برده إلى النار، وعلل تلك الزيادة بكونهم مفسدين غيرهم، وحاملين على الكفر. وفي كل أمة فيها منها حذف في السابق من أنفسهم وأثبته هنا وحذف هناك في وأثبته هنا، والمعنى في كليهما : أنه يبعث اللّه أنبياء الأمم فيهم منهم، والخطاب في ذلك للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، والإشارة بهؤلاء إلى أمته. وقال ابن عطية : ويجوز أن يبعث اللّه شهداء من الصالحين مع الرسل. وقد قال بعض الصحابة : إذا رأيت أحدا على معصية فانهه، فإن أطاعك وإلا كنت عليه شهيدا يوم القيامة انتهى. وكان الشهيد من أنفسهم، لأنه كان كذلك حين أرسل إليهم في الدنيا من أنفسهم. وقال الأصم أبو بكر المراد الشهيد هو أنه تعالى ينطق عشرة من أجزاء الإنسان حتى تشهد عليه، لأنه قال