البحر المحيط، ج ٧، ص : ١١٨
رَحْمَةِ اللّه التي هي وسعت كل شيء كانوا أبخل من كل أحد بما أوتوه من ذلك بحيث لا يصل منهم لأحد شيء من النفع إذ طبيعتهم الإقتار وهو الإمساك عن التوسع في النفقة، هذا مع ما أوتوه من الخزائن، فهذه الآية جاءت مبينة تبين ما بينهم وبينه عليه الصلاة والسلام من حرصه على نفعهم وعدم إيصال شيء من الخير منهم إليه، والمستقرأ في لَوْ التي هي حرف لما كان سيقع لوقوع غيره أن يليها الفعل إما ماضيا وإما مضارعا.
كقوله لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً «١» أو منفيا بلم أو أن وهنا في قوله قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ وليها الاسم فاختلفوا في تخريجه، فذهب الحوفي والزمخشري وابن عطية وأبو البقاء وغيرهم إلى أنه مرفوع بفعل محذوف يفسره الفعل بعده، ولما حذف ذلك الفعل وهو تملك انفصل الضمير وهو الفاعل بتملك كقوله :
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها التقدير وإن لم يحمل فحذف لم يحمل وانفصل الضمير المستكن في يحمل فصار هو، وهنا انفصل الضمير المتصل البارز وهو الواو فصار أَنْتُمْ، وهذا التخريج بناء على أن لَوْ يليها الفعل ظاهرا ومضمرا في فصيح الكلام، وهذا ليس بمذهب البصريين.
قال الأستاذ أبو الحسن بن عصفور : لا تلي لو إلّا الفعل ظاهر أو لا يليها مضمرا إلّا في ضرورة أو نادر كلام مثل : ما جاء في المثل من قولهم :
لو ذات سوار لطمتني وقال شيخنا الأستاذ أبو الحسن بن الصائغ : البصريون يصرحون بامتناع لو زيد قام لأكرمته على الفصيح، ويجيزونه شاذا كقولهم :
لو ذات سوار لطمتني وهو عندهم على فعل مضمر كقوله تعالى وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ «٢» فهو من باب الاشتغال انتهى. وخرّج ذلك أبو الحسن عليّ بن فضال المجاشعي على إضمار كان، والتقدير قُلْ لَوْ كنتم أَنْتُمْ تملكون فظاهر هذا التخريج أنه حذف كنتم برمته وبقي أَنْتُمْ توكيدا لذلك الضمير المحذوف مع الفعل، وذهب شيخنا الأستاذ أبو الحسن الصائغ إلى حذف كان فانفصل اسمها الذي كان متصلا بها، والتقدير قُلْ لَوْ
(٢) سورة التوبة : ٩/ ٦.