البحر المحيط، ج ٧، ص : ٢٣١
ويُحْسِنُونَ من تجنيس التصحيف وهو أن يكون النقط فرقا بين الكلمتين. ومنه قول أبي عبادة البحتري :
ولم يكن المغتر باللّه إذ سرى ليعجز والمعتز باللّه طالبه
ومن غريب هذا النوع من التجنيس. قول الشاعر :
سقينني ربي وغنينني بحت بحبي حين بنّ الخرد
صحف بقوله سقيتني ربي وغنيتني بحب يحيى بن الجرد.
وقرأ ابن عباس وأبو السمال فَحَبِطَتْ بفتح الباء والجمهور بكسرها. وقرأ الجمهور فَلا نُقِيمُ بالنون وَزْناً بالنصب ومجاهد وعبيد بن عمير فلا يقيم بالياء لتقدم قوله بِآياتِ رَبِّهِمْ وعن عبيد أيضا يقوم بفتح الياء كأنه جعل قام متعديا. وعن مجاهد وابن محيصن ويعقوب بخلاف عنهم : فلا يقوم مضارع قام وزن مرفوع به. واحتمل قوله فَلا نُقِيمُ إلّا به أنهم لا حسنة لهم توزن في موازين القيامة، ومن لا حسنة له فهو في النار. واحتمل أن يريد المجاز كأنه قال : فلا قدر لهم عندنا يومئذ.
وفي الحديث :«يؤتى بالأكول الشروب الطويل فلا يزن جناح بعوضة» ثم قرأ فَلا نُقِيمُ الآية.
وفي الحديث أيضا :«يأتي ناس بأعمال يوم القيامة هي عندهم في العظم كجبال تهامة فإذا وزنوها لم تزن شيئا».
ذلِكَ جَزاؤُهُمْ مبتدأ وخبر وجَهَنَّمُ بدل وذلِكَ إشارة إلى ترك إقامة الوزن، ويجوز أن يشار بذلك وإن كان مفردا إلى الجمع فيكون بمعنى أولئك ويكون جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ مبتدأ وخبرا. وقال أبو البقاء : ذلِكَ أي الأمر ذلك وما بعده مبتدأ وخبر، ويجوز أن يكون ذلِكَ مبتدأ وجَزاؤُهُمْ مبتدأ ثان وجَهَنَّمُ خبره. والجملة خبر الأول والعائد محذوف أي جزاؤه انتهى. ويحتاج هذا التوجيه إلى نظر قال : ويجوز أن يكون ذلِكَ مبتدأ وجَزاؤُهُمْ بدل أو عطف بيان وجَهَنَّمُ الخبر. ويجوز أن يكون جَهَنَّمُ بدلا من جزاء أو خبر لابتداء محذوف، أي هو جهنم وبِما كَفَرُوا خبر ذلك، ولا يجوز أن تتعلق الباء بجزاؤهم للفصل بينهما واتَّخَذُوا يجوز أن يكون معطوفا على كَفَرُوا وأن يكون مستأنفا انتهى. والآيات هي المعجزات الظاهرة على أيدي الأنبياء والصحف الإلهية المنزلة عليهم.