البحر المحيط، ج ٧، ص : ٢٣٧
الجني والمجني واحد، وعنه الجني المقطوع. قرة العين : مأخوذ من القر، يقال : دمع الفرح اللمس ودمع الحزن سخن اللمس. وقال أبو تمام :
فأما عيون العاشقين فأسخنت وأما عيون الشامتين فقرت
وقريش يقول : قررت به عينا، وقررت بالمكان أقر وأهل نجد قررت به عينا بالكسر. الفري العظيم من الأمر يستعمل في الخير وفي الشر، ومنه في وصف عمر : فلم أر عبقريا يفري فريه، والفري القطع وفي المثل : جاء يفري الفري أي يعمل عظيما من العمل قولا أو فعلا. وقال الزمخشري : الفري البديع وهو من فري الجلد. الإشارة معروفة تكون باليد والعين والثوب والرأس والفم، وأشار ألفه منقلبة عن ياء يقال : تشايرنا الهلال للمفاعلة.
وقال كثير :
فقلت وفي الأحشاء داء مخامر ألا حبذا يا عز ذاك التشاير
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كهيعص ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا.
هذه السورة مكية كالسورة التي قبلها. وقال مقاتل : إلّا آية السجدة فهي مدنية نزلت بعد مهاجرة المؤمنين إلى الحبشة. ومناسبتها لما قبلها أنه تعالى ضمن السورة قبلها قصصا عجبا كقصة أهل الكهف، وقصة موسى مع الخضر، وقصة ذي القرنين، وهذه السورة تضمنت قصصا عجبا من ولادة يحيى بين شيخ فان وعجوز عاقر، وولادة عيسى من غير أب، فلما اجتمعا في هذا الشيء المستغرب ناسب ذكر هذه السورة بعد تلك، وتقدم الكلام في أول البقرة على هذه الحروف المقطعة التي في فواتح السور بما يوقف عليه هناك وذِكْرُ خبر مبتدأ محذوف أي هذا المتلو من هذا القرآن ذِكْرُ. وقيل ذِكْرُ خبر


الصفحة التالية
Icon