البحر المحيط، ج ٧، ص : ٢٤٣
قال الزمخشري : وإنما قيل للمثل سمّي لأن كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه والشكل والنظير فكل واحد منهما سمي لصاحبه. وقيل : لم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط، وأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر وأنه كان حصورا انتهى.
وأَنَّى بمعنى كيف : وتقدم الكلام عليها في قوله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ «١» في آل عمران والعتي المبالغة في الكبر. ويبس العود.
وقرأ أبو بحرية وابن أبي ليلى والأعمش وحمزة والكسائي عِتِيًّا بكسر العين وباقي السبعة بالضم وعبد اللّه بفتح العين وصاد صليا جعلهما مصدرين كالعجيج والرحيل، وفي الضم هما كذلك إلّا أنهما على فعول. وعن عبد اللّه ومجاهد عسيا بضم العين والسين كمسورة.
وحكاها الداني عن ابن عباس وحكاها الزمخشري عن أبيّ ومجاهد يقال عتا العود وعسا يبس وجسا.
قالَ : كَذلِكَ أي الأمر كذلك تصديق له ثم ابتدأ قالَ رَبُّكَ فالكاف رفع أو نصب بقال، وذلك إشارة إلى مبهم يفسره هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ونحوه وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ «٢». وقرأ الحسن وهو عليّ هين ولا يخرج هذا إلّا على الوجه الأول أي الأمر كما قلت، وهو عليّ ذلك يهون، ووجه آخر وهو أن يشار بذلك إلى ما تقدم من وعد اللّه لا إلى قول زكرياء وقال : محذوف في كلتا القراءتين أي قال هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وإن شئت لم تنوه لأن اللّه هو المخاطب، والمعنى أنه قال ذلك ووعده وقوله الحق قاله الزمخشري : وقال ابن عطية وقوله قالَ كَذلِكَ قيل إن المعنى قال له الملك كَذلِكَ فليكن الوجود كما قيل لك قالَ رَبُّكَ خلق الغلام عَلَيَّ هَيِّنٌ أي غير بدع وكما خلقتك قبل وأخرجتك من عدم إلى وجود كذلك أفعل الآن. وقال الطبري : معنى قوله كَذلِكَ أي الأمر أن اللذان ذكرت من المرأة العاقر والكبر هو كذلك ولكن قالَ رَبُّكَ والمعنى عندي قال الملك كَذلِكَ أي على هذه الحال قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ انتهى. وقرأ الحسن هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ بكسر الياء. وقد أنشدوا قول النابغة :
عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة لوالده ليست بذات عقارب
بكسر ياء المتكلم وكسرها شبيه بقراءة حمزة وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ «٣» بكسر الياء. وقرأ
(٢) سورة الحجر : ١٥/ ٦٦. [.....]
(٣) سورة إبراهيم : ١٤/ ٢٢.