البحر المحيط، ج ٧، ص : ٣٠٩
يَخْشى والتذكرة هي البشارة والنذارة، وإن ما ادعاه المشركون من إنزاله للشقاء ليس كذلك بل إنما نزل تذكرة، والظاهر أن طه من الحروف المقطعة نحو : يس والر وما أشبههما، وتقدم الكلام على ذلك في أول البقرة. وعن ابن عباس والحسن وابن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة : معنى طه يا رجل. فقيل بالنبطية. وقيل بالحبشية. وقيل بالعبرانية. وقيل لغة يمنية في عك. وقيل في عكل. وقال الكلبي : لو قلت في عك يا رجل لم يجب حتى تقول طه. وقال السدّي معنى طه يا فلان. وأنشد الطبري في معنى يا رجل في لغة عك قول شاعرهم :
دعوت بطه في القتال فلم يجب فخفت عليه أن يكون موائلا
وقول الآخر :
إن السفاهة طه من خلائقكم لا بارك اللّه في القوم الملاعين
وقيل هو اسم من أسماء الرسول. وقيل : من أسماء اللّه. وقال الزمخشري : ولعل عكا تصرفوا في يا هذا كأنهم في لغتهم قالبون الياء طاء فقالوا في يا طأ واختصروا هذا فاقتصروا على ها، وأثر الصنعة ظاهر لا يخفى في البيت المستشهد به :
إن السفاهة طه في خلائقكم لا قدس اللّه أخلاق الملاعين
انتهى. وكان قد قدم أنه يقال إن طاها في لغة عك في معنى يا رجل، ثم تخرص وحزر على عك بما لا يقوله نحوي هو أنهم قلبوا الياء طاء وهذا لا يوجد في لسان العرب قلب يا التي للنداء طاء، وكذلك حذف اسم الإشارة في النداء وإقرارها التي للتنبيه. وقيل :
طا فعل أمر وأصله طأ، فخففت الهمزة بإبدالها ألفا وها مفعول وهو ضمير الأرض، أي طأ الأرض بقدميك ولا تراوح إذ كان يراوح حتى تورمت قدماه. وقرأت فرقة منهم الحسن وعكرمة وأبو حنيفة وورش في اختياره طه. قيل : وأصله طأ فحذفت الهمزة بناء على قلبها في يطأ على حد لا هناك المرتع بني الأمر عليه وأدخلت هاء السكت وأجري الوصل مجرى الوقف، أو أصله طأ وأبدلت همزته هاء فقيل طه. وقرأ الضحاك وعمرو بن فائد : طاوي.
وقرأ طلحة ما نزل عليك بنون مضمومة وزاي مكسورة مشددة مبنيا للمفعول الْقُرْآنَ بالرفع. وقرأ الجمهور ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ومعنى لِتَشْقى لتتعب بفرط