البحر المحيط، ج ٧، ص : ٣١٩
عنه العجمة. وقال أبو علي : هذا من باب السلب ومعناه، أزيل عنها خفاءها وهو سترها، واللام على قراءة الجمهور. قال صاحب اللوامح متعلقة بآتية كأنه قال إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لنجزي انتهى، ولا يتم ذلك إلّا إذا قدرنا أَكادُ أُخْفِيها جملة اعتراضية، فإن جعلتها في موضع الصفة لآتية فلا يجوز ذلك على رأي البصريين لأن أسم الفاعل لا يعمل إذا وصف قبل أخذ معموله. وقيل : أُخْفِيها بضم الهمزة بمعنى أظهرها فتتحد القراءتان، وأخفى من الأضداد بمعنى الإظهار وبمعنى الستر. قال أبو عبيدة : خفيت وأخفيت بمعنى واحد وقد حكاه أبو الخطاب وهو رئيس من رؤساء اللغة لا شك في صدقه وأَكادُ من أفعال المقاربة لكنها مجاز هنا، ولما كانت الآية عبارة عن شدة إخفاء أمر القيامة ووقتها وكان القطع بإتيانها مع جهل الوقت أهيب على النفوس بالغ في إبهام وقتها فقال أَكادُ أُخْفِيها حتى لا تظهر البتة، ولكن لا بد من ظهورها. وقالت فرقة أَكادُ بمعنى أريد، فالمعنى أريد إخفاءها وقاله الأخفش وابن الأنباري وأبو مسلم. قال أبو مسلم : ومن أمثالهم لا أفعل ذلك : ولا أكاد أي لا أريد أن أفعله. وقالت فرقة : خبر كاد محذوف تقديره أَكادُ أتى بها لقربها وصحة وقوعها كما حذف في قول صابىء البرجمي :
هممت ولم أفعل وكدت وليتني تركت على عثمان تبكي حلائله
أي وكدت أفعل. وتم الكلام ثم استأنف الإخبار بأنه يخفيها واختاره النحاس. وقالت فرقة : معناه أَكادُ أُخْفِيها من نفسي إشارة إلى شدة غموضها عن المخلوقين وهو مروي عن ابن عباس.
ولما رأى بعضهم قلق هذا القول قال معنى من نفسي : من تلقائي ومن عندي.
وقالت فرقة أَكادُ زائدة لا دخول لها في المعنى بل الإخبار أن الساعة آتية وأن اللّه يخفي وقت إتيانها، وروي هذا المعنى عن ابن جبير، واستدلوا على زيادة كاد بقوله تعالى لَمْ يَكَدْ يَراها «١» وبقول الشاعر وهو زيد الخيل :
سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه فما إن يكاد قرنه يتنفس
وبقول الآخر :
وأن لا ألوم النفس مما أصابني وأن لا أكاد بالذي نلت أنجح
ولا حجة في شيء من هذا. وقال الزمخشري : أَكادُ أُخْفِيها فلا أقول هي آتية لفرط