البحر المحيط، ج ٧، ص : ٣٣٣
الوحي فيه ووقوع مشي الأخت فليس وقت وقوع الوحي مشتملا على أجزاء وقع في بعضها المشي بخلاف السنة. وقال الحوفي : إِذْ متعلقة بتصنع، ولك أن تنصب إِذْ بفعل مضمر تقديره واذكر.
وقرأ الجمهور كَيْ تَقَرَّ بفتح التاء والقاف. وقرأت فرقة بكسر القاف، وتقدم أنهما لغتان في قوله وَقَرِّي عَيْناً «١». وقرأ جناح بن حبيش بضم التاء وفتح القاف مبنيا للمفعول. وقَتَلْتَ نَفْساً هو القبطي الذي استغاثه عليه الإسرائيلي قتله وهو ابن اثنتي عشرة سنة، واغتم بسبب القتل خوفا من عقاب اللّه ومن اقتصاص فرعون، فغفر اللّه له باستغفاره حين قال رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي «٢» ونجاه من فرعون حين هاجر به إلى مدين والغمّ ما يغمّ على القلب بسبب خوف أو فوات مقصود، والغمّ بلغة قريش القتل، وقيل : من غم التابوت. وقيل : من غم البحر، والظاهر أنه من غم القتل حين ذهبنا بك من مصر إلى مدين. والفتون مصدر جمع فتن أو فتنة على ترك الاعتداد بالتاء كحجوز وبدور في حجزة وبدرة أي فَتَنَّاكَ ضروبا من الفتن، والفتنة المحنة وما يشق على الإنسان. وعن ابن عباس خلصناك من محنة بعد محنة. ولد في عام كان يقتل فيه الولدان، وألقته أمه في البحر وهمّ فرعون بقتله، وقتل قبطيا وآجر نفسه عشر سنين وضل الطريق وتفرقت غنمه في ليلة مظلمة انتهى. وهذه الفتون اختبره بها وخلصه حتى صلح للنبوة وسلم لها والسنون التي لبثها في مدين عشر سنين.
وقال وهب : ثمان وعشرون سنة منها مهر ابنته وبين مصر ومدين ثمان مراحل وفي الكلام حذف والتقدير وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فخرجت خائفا إلى أَهْلِ مَدْيَنَ فلبثت سنين وكان عمره حين ذهب إلى مدين اثني عشر عاما وأقام عشرة أعوام في رعي غنم شعيب، ثم ثمانية عشر عاما بعد بنائه بامرأته بنت شعيب، وولد له فيها فكمل له أربعون سنة وهي المدة التي عادة اللّه إرسال الأنبياء على رأسها.
ثُمَّ جِئْتَ إلى المكان الذي ناجيتك فيه وكلمتك واستنبأتك. عَلى قَدَرٍ أي وقت معين قدّرته لم تتقدمه ولم تتأخر عنه. وقيل على مقدار من الزمان يوحى إلى الأنبياء فيه وهو الأربعون. وقال الشاعر :
نال الخلافة أو جاءت على قدر كما أتى ربه موسى على قدر
(٢) سورة القصص : ٢٨/ ١٦.