البحر المحيط، ج ٧، ص : ٤٨٤
فاعله، قال : والثاني عطف عليه انتهى. وهذا لا يجوز لأنك إذا جعلت فَأَنَّهُ عطفا على أَنَّهُ بقيت بلا استيفاء خبر لأن مَنْ تَوَلَّاهُ مَنْ فيه مبتدأة، فإن قدرتها موصولة فلا خبر لها حتى يستقل خبرا لأنه وإن جعلتها شرطية فلا جواب لها إذ جعلت فَأَنَّهُ عطفا على أَنَّهُ ومثل قول الزمخشري قال ابن عطية قال وأَنَّهُ في موضع رفع على المفعول الذي لم يسم فاعله، وأنه الثانية عطف على الأولى مؤكدة مثلها، وخطا خطأ لما بيناه. وقرأ الأعمش والجعفي عن أبي عمرو إنه فإنه بكسر الهمزتين. وقال ابن عطية : وقرأ أبو عمرو أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ بالكسر فيهما انتهى. وليس مشهورا عن أبي عمرو.
والظاهر أن ذلك من إسناد كُتِبَ إلى الجملة إسنادا لفظيا أي كُتِبَ عليه هذا الكلام كما تقول : كتب أن اللّه يأمر بالعدل. وقال الزمخشري : أو عن تقدير قيل أو على المفعول الذي لم يسم فاعله الكتب، والجملة من أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله لقيل المقدرة، وهذا لا يجوز عند البصريين لأن الفاعل عندهم لا يكون جملة فلا يكون ذلك مفعولا لم يسم فاعله، وأما الثاني فلا يجوز أيضا على مذهب البصريين لأنه لا تكسر أن بعد ما هو بمعنى القول، بل بعد القول صريحة، ومعنى وَيَهْدِيهِ ويسوقه وعبر بلفظ الهداية على سبيل التهكم.
ولما ذكر تعالى من يجادل في قدرة اللّه بغير علم وكان جدالهم في الحشر والمعاد ذكر دليلين واضحين على ذلك أحدهما في نفس الإنسان وابتداء خلقه، وتطوره في مراتب سبع وهي التراب، والنطفة، والعلقة، والمضغة، والإخراج طفلا، وبلوغ الأشدّ، والتوفي أو الرد إلى الهرم. والثاني في الأرض التي تشاهدون تنقلها من حال إلى حال فإذا اعتبر العاقل ذلك ثبت عنده جوازه عقلا فإذا ورد خبر الشرع بوقوعه وجب التصديق به وأنه واقع لا محالة.
وقرأ الحسن مِنَ الْبَعْثِ بفتح العين وهي لغة فيه كالحلب والطرد في الحلب والطرد، والكوفيون إسكان العين عندهم تخفيف يقيسونه فيما وسطه حرف حلق كالنهر والنهر والشعر والشعر، والبصريون لا يقيسونه وما ورد من ذلك هو عندهم مما جاء فيه لغتان. والمعنى إن ارتبتم في البعث فمزيل ريبكم أن تنظروا في بدء خلقكم مِنْ تُرابٍ أي أصلكم آدم وسلط الفعل عليهم من حيث هم من ذريته، أو باعتبار وسائط التولد لأن المني ودم الطمث يتولدان من الأغذية والأغذية حيوان ونبات، والحيوان يعود إلى النبات، والنبات من الأرض والماء والنطفة المني. وقيل نُطْفَةٍ آدم قاله النقاش. والعلقة قطعة