البحر المحيط، ج ٧، ص : ٥٠١
لأجل إبراهيم كرامة له وعلى يديه. والظاهر أن قوله أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً خطاب لإبراهيم وكذا ما بعده من الأمر. وقيل : هو خطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأَنْ مخففة من الثقيلة قاله ابن عطية، والأصل أن يليها فعل تحقيق أو ترجيح كحالها إذا كانت مشددة أو حرف تفسير. قاله الزمخشري وابن عطية وشرطها أن يتقدمها جملة في معنى القول وبَوَّأْنا ليس فيه معنى القول، والأولى عندي أن تكون أَنْ الناصبة للمضارع إذ يليها الفعل المتصرف من ماض ومضارع وأمر النهي كالأمر.
قال الزمخشري : فإن قلت : كيف يكون النهي عن الشرك والأمر بتطهير البيت تفسيرا للتبوئة؟ قلت : كانت التبوئة مقصودة من أجل العبادة، فكأنه قيل تعبدنا إبراهيم قلنا له لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ من الأصنام والأوثان والأقذار أن تطرح حوله.
وقرأ عكرمة وأبو نهيك : أن لا يشرك بالياء على معنى أن يقول معنى القول الذي قيل له. قال أبو حاتم : ولا بد من نصب الكاف على هذه القراءة بمعنى أن لا تُشْرِكْ.
والقائمون هم المصلون ذكر من أركانها أعظمها وهو القيام والركوع والسجود.
وقرأ الجمهور وَأَذِّنْ بالتشديد أي ناد. روي أنه صعد أبا قبيس فقال : يا أيها الناس حجوا بيت ربكم وتقدم قول من قال إنه خطاب للرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، وقاله الحسن قال : أمر أن يفعل ذلك في حجة الوداع. وقرأ الحسن وابن محيصن وآذن بمدة وتخفيف الذال. قال ابن عطية : وتصحف هذا على ابن جني فإنه حكى عنهما وَأَذِّنْ على فعل ماض، وأعرب على ذلك بأن جعله عطفا على بَوَّأْنا انتهى. وليس بتصحيف بل قد حكى أبو عبد اللّه الحسين بن خالويه في شواذ القراءات من جمعه. وصاحب اللوامح أبو الفضل الرازي ذلك عن الحسن وأبن محيصن. قال صاحب اللوامح : وهو عطف على وَإِذْ بَوَّأْنا فيصير في الكلام تقديم وتأخير، ويصير يَأْتُوكَ جزما على جواب الأمر الذي هو وَطَهِّرْ انتهى.
وقرأ ابن أبي إسحاق بِالْحَجِّ بكسر الحاء حيث وقع الجمهور بفتحها. وقرأ الجمهور رِجالًا وابن أبي إسحاق بضم الراء والتخفيف، وروي كذلك عن عكرمة والحسن وأبي مجلز، وهو اسم جمع كظؤار وروي عنهم وعن ابن عباس ومجاهد
وجعفر بن محمد بضم الراء وتشديد الجيم.
وعن عكرمة أيضا رجالى على وزن النعامى بألف التأنيث المقصورة، وكذلك مع تشديد الجيم عن ابن عباس وعطاء وابن حدير، ورجال جمع راجل كتاجر وتجار.