البحر المحيط، ج ٧، ص : ٥٠٨
نسك خاص أو نسكا خاصا وهو موضع ذبح أو ذبح، وحمله الزمخشري على الذبح، يقال : شرع اللّه لكل أمة أن ينسكوا له أي يذبحوا لوجهه على وجه التقرب، وجعل العلة في ذلك أن يذكر اسمه تقدست أسماؤه على المناسك انتهى. وقياس بناء مفعل مما مضارعه يفعل يضم العين مفعل بفتحها في المصدر والزمان والمكان، وبالفتح قرأ الجمهور. وقرأ بكسرها الأخوان وابن سعدان وأبو حاتم عن أبي عمرو ويونس ومحبوب وعبد الوارث إلا القصبي عنه. قال ابن عطية : والكسر في هذا من الشاذ ولا يسوغ فيه القياس، ويشبه أن يكون الكسائي سمعه من العرب. وقال الأزهري : منسك ومنسك لغتان. وقال مجاهد :
المنسك الذبح، وإراقة الدماء يقال : نسك إذا ذبح، والذبيحة نسيكة وجمعها نسك. وقال الفرّاء : المنسك في كلام العرب المعتاد في خير وبر. وقال ابن عرفة مَنْسَكاً أي مذهبا من طاعة اللّه، يقال : نسك نسك قومه إذا سلك مذهبهم. وقال الفراء مَنْسَكاً عيدا وقال قتادة : حجا.
لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ معناه أمرناهم عند ذبائحهم بذكر اللّه، وأن يكون الذبح له لأنه رازق ذلك، ثم خرج إلى الحاضرين فقال فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا أي انقادوا، وكما أن الإله واحد يجب أن يخلص له في الذبيحة ولا يشرك فيها لغيره، وتقدم شرح الإخبات. وقال عمرو بن أوس : المخبتون الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا. وقرأ الجمهور وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ بالخفض على الإضافة وحذفت النون لأجلها. وقرأ ابن أبي إسحاق والحسن وأبو عمرو في رواية الصَّلاةِ بالنصب وحذفت النون لأجلها. وقرأ ابن مسعود والأعمش والمقيمين بالنون الصَّلاةِ بالنصب. وقرأ الضحاك : والمقيم الصلاة، وناسب تبشير من اتصف بالإخبات هنا لأن أفعال الحج من نزع الثياب والتجرد من المخيط وكشف الرأس والتردد في تلك المواضع الغبرة المحجرة، والتلبس بأفعال شاقة لا يعلم معناها إلّا اللّه تعالى مؤذن بالاستسلام المحض والتواضع المفرط حيث يخرج الإنسان عن مألوفه إلى أفعال غريبة، ولذلك وصفهم بالإخبات والوجل إذا ذكر اللّه تعالى والصبر على ما أصابهم من المشاق وإقامة الصلوات في مواضع لا يقيمها إلّا المؤمنون المصطفون والإنفاق مما رزقهم ومنها الهدايا التي يغالون فيها.
وقرأ الجمهور وَالْبُدْنَ بإسكان الدال. وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وشيبة وعيسى بضمها وهي الأصل، ورويت عن أبي جعفر ونافع. وقرأ ابن أبي إسحاق أيضا بضم الياء والدال وتشديد النون، فاحتمل أن يكون اسما مفردا بني على فعل كعتل،