البحر المحيط، ج ٧، ص : ٥١٨
عرف لغة ومعاني هذه الأسماء هي في الأمم التي لهم كتاب على قديم الدهر، ولم يذكر في هذه الآية المجوس ولا أهل الإشراك لأنّ هؤلاء ليس لهم ما يوجب حمايته ولا يوجد ذكر اللّه إلّا عند أهل الشرائع انتهى.
والظاهر عود الضمير في قوله يُذْكَرُ فِيهَا على المواضع كلها جميعها وقاله الكلبي ومقاتل، فيكون يُذْكَرُ صفة للمساجد وإذا حملنا الصلوات على الأفعال التي يصليها أهل الشرائع كان ذلك إما على حذف مضاف أي ومواضع صلوات وإما على تضمين لَهُدِّمَتْ معنى عطلت فصار التعطيل قدرا مشتركا بين المواضع والأفعال، وتأخير المساجد إما لأجل قدم تلك وحدوث هذه، وإما لانتقال من شريف إلى أشرف. وأقسم تعالى على أنه تنصر من ينصر أي ينصر دينه وأولياءه، ونصره تعالى هو أن يظفر أولياءه بأعدائهم جلادا وجدالا وفي ذلك حض على القتال. ثم أخبر تعالى أنه قوي على نصرهم عَزِيزٌ لا يغالب.
والظاهر أنه يجوز في إعراب الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما جاز في إعراب الَّذِينَ أُخْرِجُوا وقال الزجاج : هو منصوب بدل ممن ينصره، والتمكين السلطنة ونفاذ الأمر على الخلق، والظاهر أنه من وصف المأذون لهم في القتال وهم المهاجرون، وفيه إخبار بالغيب عما يكون عليه سيرتهم إن مكن لهم في الأرض وبسط لهم في الدنيا، وكيف يقومون بأمر الدين. وعن عثمان رضي اللّه عنه : هذا واللّه ثناء قبل بلاء، يريد أن اللّه قد أثنى عليهم قبل أن يحدثوا من الخير ما أحدثوا، وقالوا : فيه دليل على صحة أمر الخلفاء الراشدين لأن اللّه تعالى لم يجعل التمكن ونفاذ الأمر مع السيرة العادلة لغيرهم من المهاجرين لا حظ في ذلك للأنصار والطلقاء. وفي الآية أخذ العهد على من مكنه اللّه أن يفعل ما رتب على التمكين في الآية. وقيل : نزلت في أصحاب محمد صلّى اللّه عليه وسلّم. وعن الحسن وأبي العالية : هم أمّته عليه السلام. وعن عكرمة : هم أهل الصلوات الخمس، وهو قريب مما قبله. وقال ابن أبي نجيح : هم الولاة. وقال الضحاك : هو شرط شرطه اللّه من آناه الملك.
وقال ابن عباس : المهاجرون والأنصار والتابعون وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ توعد للمخالف ما ترتب على التمكين وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ الآية فيها تسلية للرسول بتكذيب من سبق من الأمم المذكورة لأنبيائهم، ووعيد لقريش إذ مثلهم بالأمم المكذبة المعذبة وأسند الفعل بعلامة