البحر المحيط، ج ٧، ص : ٥٧٢
المحترقة والقد والأولاد. وقيل : العذاب قتلهم يوم بدر. وقيل : عذاب الآخرة، والظاهر أن الضمير في إِذا هُمْ عائد على مُتْرَفِيهِمْ إذ هم المحدث عنهم صاحوا حين نزل بهم العذاب. وقيل : يعود على الباقين بعد المعذبين. قال ابن جريج : المعذبون قتلى بدر، والذين يَجْأَرُونَ أهل مكة لأنهم ناحوا واستغاثوا.
لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ أي يقال لهم إما حقيقة تقول لهم الملائكة ذلك وإما مجازا أي لسان الحال يقول ذلك هذا إن كان الذين يجأرون هم المعذبون وعلى قول ابن جريج ليس القائل الملائكة. وقال قتادة يَجْأَرُونَ يصرخون بالتوبة فلا يقبل منهم. وقال الربيع بن أنس : تجأرون تجزعون، عبر بالصراخ بالجزع إذ الجزع سببه إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ أي لا تمنعون من عذابنا أو لا يكون لكم نصر من جهتنا، فالجوار غير نافع لكم ولا مجد.
قَدْ كانَتْ آياتِي هي آيات القرآن تَنْكِصُونَ ترجعون استعارة للإعراض عن الحق. وقرأ علي بن أبي طالب تَنْكِصُونَ بضم الكاف
والضمير في بِهِ عائد على المصدر الدال عليه تَنْكِصُونَ أي بالنكوص والتباعد من سماع الآيات أو على الآيات لأنها في معنى الكتاب، وضمن مُسْتَكْبِرِينَ معنى مكذبين فعدّي بالباء أو تكون الباء للسبب، أي يحدث لكم بسبب سماعه استكبار وعتو. والجمهور على أن الضمير في بِهِ عائد على الحرم والمسجد وإن لم يجر له ذكر، وسوّغ هذا الإضمار شهرتهم بالاستكبار بالبيت وأنه لم تكن لهم معجزة إلّا أنهم ولاته والقائمون به، وذكر منذر بن سعيد أن الضمير لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ويحسنه أن في قوله تُتْلى عَلَيْكُمْ دلالة على التالي وهو الرسول عليه السلام، وهذه أقوال تتعلق فيها بمستكبرين. وقيل تتعلق بسامرا أي تسمرون بذكر القرآن والطعن فيه، وكانوا يجتمعون حول البيت بالليل يسمرون، وكانت عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميته سحرا وشعرا وسب من أتى به.
وقرأ الجمهور سامِراً وابن مسعود وابن عباس وأبو حيوة وابن محيصن وعكرمة والزعفراني ومحبوب عن أبي عمر وسمرا بضم السين وشد الميم مفتوحة جمع سامر، وابن عباس أيضا وزيد بن علي وأبو رجاء وأبو نهيك كذلك، وبزيادة ألف بين الميم والراء جمع سامر أيضا وهما جمعان مقيسان في مثل سامر.
وقرأ الجمهور تَهْجُرُونَ بفتح التاء وضم الجيم. وروى ابن أبي عاصم بالياء على سبيل الالتفات. قال ابن عباس تَهْجُرُونَ الحق وذكر اللّه وتقطعونه من الهجر. وقال ابن


الصفحة التالية
Icon