البحر المحيط، ج ٧، ص : ٧٠
يدعونهم آلهة أو يدعونهم لكشف ما حل بكم من الضر كما حذف من قوله قُلِ ادْعُوا أي ادعوهم لكشف الضر.
وفي قوله : زَعَمْتُمْ ضمير محذوف عائد على الَّذِينَ وهو المفعول الأول والثاني محذوف تقديره زعمتموهم آلهة من دون اللّه، وأُولئِكَ مبتدأ والَّذِينَ صفته، والخبر يَبْتَغُونَ. والْوَسِيلَةَ القرب إلى اللّه تعالى، والظاهر أن أُولئِكَ إشارة إلى المعبودين والواو في يَدْعُونَ للعابدين، والعائد على الَّذِينَ منصوب محذوف أي يدعونهم.
وقال ابن فورك : الإشارة بقوله بأولئك إلى النبيين الذين تقدّم ذكرهم، والضمير المرفوع في يَدْعُونَ ويَبْتَغُونَ عائد عليهم، والمعنى يدعون الناس إلى دين اللّه، والمعنى على هذا أن الذين عظمت منزلتهم وهم الأنبياء لا يعبدون إلّا اللّه ولا يبتغون الوسيلة إلّا إليه، فهم أحق بالاقتداء بهم فلا يعبدوا غير اللّه.
وقرأ الجمهور : إِلى رَبِّهِمُ بضمير الجمع الغائب. وقرأ ابن مسعود إلى ربك بالكاف خطابا للرسول، واختلفوا في إعراب أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وتقديره. فقال الحوفي :
أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ابتداء وخبر، والمعنى ينظرون أَيُّهُمْ أَقْرَبُ فيتوسلون به ويجوز أن يكون أَيُّهُمْ أَقْرَبُ بدلا من الواو في يَبْتَغُونَ انتهى. ففي الوجه الأول أضمر فعل التعليق، وأَيُّهُمْ أَقْرَبُ في موضع نصب على إسقاط حرف الجر لأن نظر إن كان بمعنى الفكر تعدّى بفي، وإن كانت بصرية تعدّت بإلى، فالجملة المعلق عنها الفعل على كلا التقديرين تكون في موضع نصب على إسقاط حرف الجر كقوله فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً «١» وفي إضمار الفعل المعلق نظر، والوجه الثاني قاله الزمخشري قال : وتكون أي موصولة، أي يبتغي من هو أقرب منهم وأزلف الوسيلة إلى اللّه فكيف بغير الأقرب انتهى. فعلى الوجه يكون أَقْرَبُ خبر مبتدأ محذوف، واحتمل أَيُّهُمْ أن يكون معربا وهو الوجه، وأن يكون مبنيا لوجود مسوغ البناء. قال الزمخشري : أو ضمن يَبْتَغُونَ الْوَسِيلَةَ معنى يحرصون فكأنه قيل يحرصون أيهم يكون أقرب إلى اللّه، وذلك بالطاعة وازدياد الخير والصلاح، فيكون قد ضمن يَبْتَغُونَ معنى فعل قلبي وهو يحرصون حتى يصح التعليق،