البحر المحيط، ج ٨، ص : ١٤٠
وفي القصص، وجاء كذلك عن نافع. وفي مصحف عبد اللّه ط س م مقطوع، وهي قراءة أبي جعفر. وتكلموا على هذه الحروف بما يشبه اللغز والأحاجي، فتركت نقله، إذ لا دليل على شيء مما قالوه.
والْكِتابِ الْمُبِينِ : هو القرآن، هو بين في نفسه ومبين غيره من الأحكام والشرائع وسائر ما اشتمل عليه، أو مبين إعجازه وصحة أنه من عند اللّه. وتقدم تفسير باخِعٌ نَفْسَكَ في أول الكهف. أَلَّا يَكُونُوا : أي لئلا يؤمنوا، أو خيفة أن لا يؤمنوا. وقرأ قتادة وزيد بن علي : باخع نفسك على الإضافة. إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ دخلت إن على نشأ وإن للممكن، أو المحقق المبهم زمانه. قال ابن عطية : ما في الشرط من الإبهام هو في هذه الآية في حيزنا، وأما اللّه تعالى فقد علم أنه لا ينزل عليهم آية اضطرار، وإنما جعل اللّه آيات الأنبياء والآيات الدالة عليه معرضة للنظر والفكر، ليهتدي من سبق في علمه هداه، ويضل من سبق ضلاله، وليكون للنظرة كسب به يتعلق الثواب والعقاب، وآية الاضطرار تدفع جميع هذا إن لو كانت. انتهى. ومعنى آية : أي ملجئة إلى الإيمان يقهر عليه. وقرأ أبو عمرو في رواية هرون عنه : إن يشأ ينزل على الغيبة، أي إن يشأ اللّه ينزل، وفي بعض المصاحف : لو شئنا لأنزلنا. وقرأ الجمهور : فظلت، ماضيا بمعنى المستقبل، لأنه معطوف على ينزل. وقرأ طلحة : فتظلل، وأعناقهم. قال الزمخشري : فإن قلت : كيف صح مجيء خاضعين خبرا عن الأعناق؟ قلت : أصل الكلام : فظلوا لها خاضعين، فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخشوع، وترك الكلام على أصله كقولهم : ذهبت أهل اليمامة، كان الأهل غير مذكور. انتهى. وقال مجاهد، وابن زيد، والأخفش : جماعاتهم، يقال : جاءني عنق من الناس، أي جماعة، ومنه قول الشاعر :
إن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا وقيل : أعناق الناس : رؤساؤهم، ومقدموهم شبهوا بالأعناق، كما قيل :
لهم الرؤوس والنواصي والصدور قال الشاعر :
في مجفل من نواصي الخيل مشهود وقيل : أريد الجارحة. فقال ابن عيسى : هو على حذف مضاف، أي أصحاب الأعناق. وروعي هذا المحذوف في قوله : خاضِعِينَ، حيث جاء جمعا للمذكر