البحر المحيط، ج ٨، ص : ٢٥١
والإنشاء، وجميع معانيه إذا حققت راجعة إلى هذين القسمين. وقال بعد ذلك وقرىء لنبيتنه بالياء والتاء والنون، فتقاسموا مع النون والتاء يصح فيه الوجهان، يعني فيه : أي في تقاسموا باللّه، والوجهان هما الأمر والخبر عنده. قال : ومع الياء لا يصح إلا أن يكون خبرا. انتهى. والتقييد بالحال ليس إلا من باب نسبة التقييد، لا من نسبة الكلام التي هي الإسناد، فإذا أطلق عليها الخبر، كان ذلك على تقدير أنها لو لم تكن حالا لجاز أن تستعمل خبرا، وكذلك قولهم في الجملة الواقعة قبله صلة أنها خبرية هو مجاز، والمعنى : أنها لو لم تكن صلة، لجاز أن تستعمل خبرا، وهذا شيء فيه غموض، ولا يحتاج إلى الإضمار، فقد كثر وقوع الماضي حالا بغير قد كثرة ينبغي القياس عليها. وعلى هذا الإعراب، احتمل أن يكون بِاللَّهِ متعلقا بتقاسموا الذي هو حال، فهو من صلته ليس داخلا تحت القول.
والمقول : لَنُبَيِّتَنَّهُ وما بعده احتمل أن يكون هو وما بعده هو المقول.
وقرأ الجمهور : لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ بالنون فيهما، والحسن، وحمزة، والكسائي : بتاء خطاب الجمع ومجاهد، وابن وثاب، وطلحة، والأعمش : بياء الغيبة، والفعلان مسندان للجمع وحميد بن قيس : بياء الغيبة في الأول مسندا للجمع، أي ليبيتنه، أي قوم منا، وبالنون في الثاني، أي جميعنا يقول لوليه، والبيات : مباغتة العدو.
وعن الإسكندر أنه أشير عليه بالبيات فقال : ليس من عادة الملوك استراق الظفر، ووليه طالب ثأره إذا قتل. وقرأ الجمهور : مهلك، بضم الميم وفتح اللام من أهلك. وقرأ حفص : مهلك، بفتح الميم وكسر اللام، وأبو بكر : بفتحهما. فأما القراءة الأولى فتحتمل المصدر والزمان والمكان، أي ما شهدنا إهلاك أهله، أو زمان إهلاكهم، أو مكان إهلاكهم. ويلزم من هذين أنهم إذا لم يشهدوا الزمان ولا المكان أن لا يشهدوا الإهلاك.
وأما القراءة الثانية فالقياس يقتضي أن يكون للزمان والمكان، أي ما شهدنا زمان هلاكهم ولا مكانه. والثالثة : تقتضي القياس أن يكون مصدرا، أي ما شهدنا هلاكه. وقال الزمخشري : وقد ذكروا القراءات. الثلاث، قال : ويحتمل المصدر والزمان والمكان.
انتهى. والظاهر في الكلام حذف معطوف يدل عليه ما قبله، والتقدير : ما شهدنا مهلك أهله ومهلكه، ودل عليه قولهم : لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ، وما روي أنهم كانوا عزموا على قتله وقتل أهله، وحذف مثل هذا المعطوف جائز في الفصيح، كقوله : سرابيل تقيكم الحر، أي والبرد، وقال الشاعر :
فما كان بين الخير لو جاء سالما أبو حجر إلا ليال قلائل


الصفحة التالية
Icon