البحر المحيط، ج ٨، ص : ٢٨٦
لشيعا، ويذبح تبيين للاستضعاف، وتفسير أو في موضع الحال من ضمير يستضعف، أو في موضع الصفة لطائفة. وقرأ الجمهور : يذبح، مضعفا وأبو حيوة، وابن محيصن : بفتح الياء وسكون الذال.
إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ : علة لتجبره ولتذبيح الأبناء، إذ ليس في ذلك إلّا مجرد الفساد. وَنُرِيدُ : حكاية حال ماضية، والجملة معطوفة على قوله : إِنَّ فِرْعَوْنَ، لأن كلتيهما تفسير للبناء، ويضعف أن يكون حالا من الضمير في يستضعف، لاحتياجه إلى إضمار مبتدأ، أي ونحن نريد، وهو ضعيف. وإذا كانت حالا، فكيف يجتمع استضعاف فرعون وإرادة المنة من اللّه ولا يمكن الاقتران؟ فقيل : لما كانت المنة بخلاصهم من فرعون قرينة الوقوع، جعلت إرادة وقوعها كأنها مقارنة لاستضعافهم. وأَنْ نَمُنَّ : أي بخلاصهم من فرعون وإغراقه. وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً : أي مقتدى بهم في الدين والدنيا. وقال مجاهد :
دعاة إلى الخير. وقال قتادة : ولاة، كقولهم : وجعلكم ملوكا. وقال الضحاك : أنبياء.
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ : أي يرثون فرعون وقومه، ملكهم وما كان لهم. وعن علي، الوارثون هم : يوسف عليه السلام وولده
، وعن قتادة أيضا : ورثوا أرض مصر والشام. وقرأ الجمهور : وَنُمَكِّنَ، عطفا على نمن. وقرأ الأعمش : ولنمكن، بلام كي، أي وأردنا ذلك لنمكن، أو ولنمكن فعلنا ذلك. والتمكين : التوطئة في الأرض، هي أرض مصر والشام، بحيث ينفذ أمرهم ويتسلطون على من سواهم. وقرأ الجمهور : وَنُرِيَ، مضارع أرينا، ونصب ما بعده. وعبد اللّه، وحمزة، والكسائي : ونرى، مضارع رأى، ورفع ما بعده. وَهامانَ : وزير فرعون وأحد رجاله، وذكر لنباهته في قومه ومحله من الكفر.
ألا ترى إلى قوله له : يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً «١»؟ ويحذرون أي زوال ملكهم وإهلاكهم على يدي مولود من بني إسرائيل.
وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ، وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.
إيحاء اللّه إلى أم موسى : إلهام وقذف في القلب، قاله ابن عباس وقتادة أو منام،