البحر المحيط، ج ٨، ص : ٢٩٣
هذا الباب. وقال ابن عطية : ذكرها الأخفش، وهي تصحيف لا قراءة. انتهى. وليست تصحيفا، فقد نقلها ابن خالويه عن سيبويه، وابن جبارة عن ابن مقسم والزعفراني. وروي أنه لما اشتد التناكر بينهما قال القبطي لموسى : لقد هممت أن أحمله عليك، يعني الحطب، فاشتد غضب موسى، وكان قد أوتي قوة، فَوَكَزَهُ، فمات.
وقرأ عبد اللّه فلكزه، باللام، وعنه : فنكزه، بالنون. قال قتادة : وكزه بعصاه وغيره قال : بجمع كفه، والظاهر أن فاعل فَقَضى ضمير عائد على موسى. وقيل : يعود على اللّه، أي فقضى اللّه عليه بالموت. ويحتمل أن يعود على المصدر المفهوم من وكزه، أي فقضى الوكز عليه، وكان موسى لم يتعمد قتله، ولكن وافقت وكزته الأجل، فندم موسى. وروي أنه دفنه في الرمل وقال : هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ، وهو ما لحقه من الغضب حتى أدى إلى الوكزة التي قضت على القبطي، وجعله من عمل الشيطان وسماه ظلما لنفسه واستغفر منه، لأنه أدى إلى قتل من لم يؤذن له في قتله.
وعن ابن جريج : ليس لنبي أن يقتل ما لم يؤمر. وقال كعب : كان موسى إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة، وكان قتله خطأ، فإن الوكزة في الغالب لا تقتل. وقال النقاش : كان هذا قبل النبوة، وقد انتهج موسى عليه السلام نهج آدم عليه السلام إذ قال : ظَلَمْنا أَنْفُسَنا «١». والباء في بِما أَنْعَمْتَ للقسم، والتقدير : أقسم بما أنعمت به عليّ من المغفرة، والجواب محذوف، أي لأتوين، فَلَنْ أَكُونَ، أو متعلقة بمحذوف تقديره : اعصمني بحق ما أنعمت عليّ من المغفرة، فَلَنْ أَكُونَ إن عصمتني ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ. وقيل : فَلَنْ أَكُونَ دعاء لا خبر، ولن بمعنى لا في الدعاء، والصحيح أن لن لا تكون في الدعاء، وقد استدل على أن لن تكون في الدعاء بهذه الآية، وبقول الشاعر :
لن تزالوا كذاكم ثم ما زل ت لهم خالدا خلود الجبال
والمظاهرة، إما بصحبته لفرعون وانتظامه في جملته وتكثير سواده حيث كان يركب بركوبه كالولد مع الوالد، وكان يسمى ابن فرعون، وإما أنه أدت المظاهرة إلى القتل الذي جرى على يده. وقيل : بما أنعمت عليّ من النبوّه، فلن أستعملها إلّا في مظاهرة أوليائك، ولا أدع قبطيا يغلب إسرائيليا. واحتج أهل العلم بهذه الآية على منع معونة أهل الظلم وخدمتهم، نص على ذلك عطاء بن أبي رباح وغيره. وقال رجل لعطاء : إن أخي يضرب بعلمه ولا يعدو رزقه، قال : فمن الرأس، يعني من يكتب له؟ قال : خالد بن عبد اللّه