البحر المحيط، ج ٨، ص : ٣٢٨
الأرجوان، وعليها سرج من ذهب، ومعه أربعة آلاف على زيه. وقيل : عليهم وعلى خيولهم الديباج الأحمر، وعلى يمينه ثلاثمائة غلام، وعلى يساره ثلاثمائة جارية بيض عليهم الحلي والديباج. وقيل : في تسعين ألفا عليهم المعصفرات، وهو أول يوم رؤي فيه المعصفر. وقيل غير ذلك من الكيفيات.
قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا قيل : كانوا مؤمنين. وقال قتادة : تمنوه ليتقربوا به إلى اللّه. وقيل : رغبة في اليسارة والثروة. وقيل : كانوا كفارة، وتمنوا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ، ولم يذكروا زوال نعمته، وهذا من الغبطة. إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ : أي درجة عظيمة، قاله الضحاك. وقيل : نصيب كثير من الدنيا والحظ البخت والسعد، يقال : فلان ذو حظ وحظيظ ومحظوظ. وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، منهم : يوشع، والعلم : معرفة الثواب والعقاب، أو التوكل، أو الإخبار، أقوال. وَيْلَكُمْ : دعاء بالشر. ثَوابُ اللَّهِ : وهو ما أعده في الآخرة للمؤمن خَيْرٌ مما أوتي قارون. وَلا يُلَقَّاها : أي هذه الحكمة، وهي معرفة ثواب اللّه، وقيل : الجنة ونعيمها. وقيل : هذه المقالة، وهي قولهم : ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً، وبخهم بها. إِلَّا الصَّابِرُونَ على الطاعات وعلى قمع أنفسهم عن الشهوات.
تقدم طرف من خبر قارون وحسده لموسى. ومن حسده أنه جعل لبغي جعلا، على أن ترمي موسى بطلبها وبزنائها، وأنها تابت إلى اللّه، وأقرت أن قارون هو الذي جعل لها جعلا على رمي موسى بذلك، فأمر اللّه الأرض أن تطيعه، فقال : يا أرض خذيه وأتباعه، فخسف بهم في حكاية طويلة، اللّه أعلم بها. ولما خسف بقارون ومن معه، فقال بنو إسرائيل : إنما دعا موسى على قارون ليستبد بداره وكنوزه، فدعا اللّه حتى خسف بداره وأمواله. ومن زائدة، أي من جماعة تفيد استغراق الفئات. وإذا انتفت الجملة، ولم يقدر على نصره، فانتفاء الواحد عن نصرته أبلغ. وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ : أي لم يكن في نفسه ممن يمتنع من عذاب اللّه.
وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ : بدل، وأصبح، إذا حمل على ظاهره، أن الخسف به وبداره كان ليلا، وهو أفظع العذاب، إذ الليل مقر الراحة والسكون، والأمس يحتمل أن يراد به الزمان الماضي، ويحتمل أن يراد به ما قبل يوم الخسف، وهو يوم التمني، ويدل عليه العطف بالفاء التي تقتضي التعقيب في قوله : فَخَسَفْنا، فيكون فيه اعتقاب العذاب خروجه في زينته، وفي ذلك تعجيل العذاب. ومكانه : منزلته في الدنيا من