البحر المحيط، ج ٨، ص : ٣٣٢
إِذْ هَدَيْتَنا
«١»، ويومئذ، وحينئذ. قال الضحاك : وذلك حين دعوه إلى دين إبائه، أي لا تلتفت إلى هؤلاء ولا تركن إلى قولهم، فيصدونك عن اتباع آيات اللّه. وَادْعُ إِلى رَبِّكَ : أي دين ربك، وهذه المناهي كلها ظاهرها أنها للرسول، وهي في الحقيقة لأتباعه، والهلاك يطلق بإزاء العدم المحض، فالمعنى : أن اللّه يعدم كل شيء سواه. وبإزاء نفي الانتفاع به، إما للإماتة، أو بتفريق الأجزاء، وإن كانت نافية يقال : هلك الثوب، لا يريدون فناء أجزائه، ولكن خروجه عن الانتفاع به. ومعنى : إِلَّا وَجْهَهُ : إلا إياه، قاله الزجاج. وقال مجاهد، والسدي : هالك بالموت إلا العلماء، فإن علمهم باق. انتهى.
ويريدون إلا ما قصد به وجهه من العلم، فإنه باق. وقال الضحاك : إلا اللّه عز وجل، والعرش، والجنة، والنار. وقيل : ملكه، ومنه : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ «٢». وقال أبو عبيدة :
المراد بالوجه : جاهه الذي جعله في الناس. وقال سفيان الثوري : إلا وجهه، ما عمل لذاته، ومن طاعته، وتوجه به نحوه، ومنه قول الشاعر :
رب العباد إليه الوجه والعمل وقوله : يريدون وجهه. لَهُ الْحُكْمُ : أي فصل القضاء. إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ : أي إلى جزائه. وقرأ عيسى : ترجعون، مبنيا للفاعل والجمهور : مبنيا للمفعول.
(٢) سورة غافر : ٤٠/ ١٦.