البحر المحيط، ج ٨، ص : ٣٨٠
فِي رَوْضَةٍ، الروضة، الأرض ذات النبات والماء، وفي المثل : أحسن من بيضة، يريدون : بيض النعامة، والروضة مما تعجب العرب، وقد أكثروا من مدحها في أشعارهم. يُحْبَرُونَ : يسرون. حبره : سره سرورا، وتهلل له وجهه وظهر له أثره. يحبر بالضم، حبرا وحبرة وحبورا، وفي المثل : امتلأت بيوتهم حبرة فهم ينتظرون العبرة.
وحكى الكسائي : حبرته : أكرمته ونعمته. وقال علي بن سليمان : هو من قولهم : على أسنانه حبرة، أي أثر، أي يسير عليهم أثر النعمة. وقيل : من التحبير، وهو التحسين، أي يحسنون. ويقال : فلان حسن الحبر والسبر، بالفتح، إذا كان جميلا حسن الهيئة. وقال ابن عباس، والضحاك، ومجاهد : يكرمون. وقال يحيى بن أبي كثير، والأوزاعي، ووكيع :
يسمعون الأغاني. وقال أبو بكر، وابن عباس : يتوجون على رؤوسهم. وقال ابن كيسان :
يحلون. ومعنى مُحْضَرُونَ : مجموعون له، لا يغيب أحد منهم عنه بقوله : وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها «١»، وجاء في روضة منكرا وفي العذاب معرفا. قال الزمخشري : والتنكير لإبهام أمرها وتفخيمه، وجاء يحبرون بالفعل المضارع لاستعماله للتجدد، لأنهم كل ساعة يأتيهم ما يسرون به من متجددات الملاذ وأنواعها المختلفة. وجاء مُحْضَرُونَ باسم الفاعل لاستعماله للثبوت، فهم إذا دخلوا العذاب يبقون فيه محضرين، فهو وصف لا ذم لهم.
فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ، يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ، وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ، وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ، وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ، وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ.
لما بين تعالى عظيم قدرته في خلق السموات والأرض بالحق، وهو حالة ابتداء العالم، وفي مصيرهم إلى الجنة والنار، وهي حالة الانتهاء، أمر تعالى بتنزيهه من كل