البحر المحيط، ج ٨، ص : ٤٤٢
الجرز، بسكون الراء. فَنُخْرِجُ بِهِ : أي بالماء، وخص الزرع بالذكر، وإن كان يخرج اللّه به أنواعا كثيرة من الفواكه والبقول والعشب المنتفع به في الطب وغيره، تشريفا للزرع، ولأنه أعظم ما يقصد من النبات، وأوقع الزرع موقع النبات. وقدمت الأنعام، لأن ما ينبت يأكله الأنعام أول فأول، من قبل أن يأكل بنو آدم الحب. ألا ترى أن القصيل، وهو شعير يزرع، تأكله الأنعام قبل أن يسبل والبرسيم والفصفصة وأمثال ذلك تبادره الأنعام بالأكل قبل أن يأكل بنو آدم حب الزرع، أو لأنه غذاء الدواب، والإنسان قد يتغذى بغيره من حيوان وغيره، أو بدأ بالأدنى ثم ترقى إلى الأشرف، وهم بنو آدم؟ وقرأ أبو حيوة، وأبو بكر في رواية : يأكل، بالياء من أسفل. وقرأ الجمهور : يُبْصِرُونَ، بياء الغيبة وابن مسعود :
بتاء الخطاب. وجاءت الفاصلة : أَفَلا يُبْصِرُونَ، لأن ما سبق مرئي، وفي الآية قبله مسموع، فناسب : أَفَلا يَسْمَعُونَ. ثم أخبر تعالى عن الكفرة، باستعجال فصل القضاء بينهم وبين الرسول على معنى الهزء والتكذيب. والْفَتْحُ : الحكم، قاله الجمهور، وهو الذي يترتب عليه قوله : قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ إلخ، ويضعف قول الحسن ومجاهد : فتح مكة، لعدم مطابقته لما بعده، لأن من آمن يوم فتح مكة، إيمانه ينفعه، وكذا قول من قال : يوم بدر. وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ : أي لا يؤخرون عن العذاب. ولما عرف غرضهم في سؤالهم على سبيل الهزء، وقيل لهم : لا تستعجلوا به ولا تستهزؤا، فكأن قد حصلتم في ذلك اليوم وآمنتم، فلم ينفعكم الإيمان، واستنظرتم في حلول العذاب، فلم تنظروا، فيوم منصوب بلا ينفع. ثم أمر بالإعراض عنهم وانتظار النصر عليهم والظفر بهم. إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ للغلبة عليكم لقوله : فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ «١»، وقيل : إنهم منتظرون العذاب، أي هذا حكمهم، وإن كانوا لا يشعرون. وقرأ اليماني : منتظرون، بفتح الظاء، اسم مفعول والجمهور : بكسرها، اسم فاعل، أي منتظر هلاكهم، فإنهم أحقاء أن ينتظر هلاكهم، يعني : إنهم هالكون لا محالة، أو : وانتظر ذلك، فإن الملائكة في السماء ينتظرونه.

(١) سورة التوبة : ٩/ ٥٢. [.....]


الصفحة التالية
Icon