البحر المحيط، ج ٨، ص : ٤٧٣
المضمر تنبيها على الوصف الذي ترتب لهن به الأجر العظيم، وهو الإحسان، كأنه قال :
أعدلكن، لأن من أراد اللّه ورسوله والدار الآخرة كان محسنا. وقراءة حميد الخراز :
أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ، بالرفع على الاستئناف والجمهور : بالجزم على جواب الأمر، أو على جواب الشرط، ويكون فَتَعالَيْنَ جملة اعتراض بين الشرط وجزائه، ولا يضر دخول الفاء على جملة الاعتراض، ومثل ذلك قول الشاعر :
واعلم فعلم المرء ينفعه إن سوف يأتي كل ما قدرا
ثم نادى نساء النبي، ليجعلن بالهن مما يخاطبن به، إذا كان أمرا يجعل له البال.
وقرأ زيد بن علي، والجحدري، وعمرو بن فائد الأسواري، ويعقوب : تأت، بتاء التأنيث، حملا على معنى من والجمهور : بالياء، حملا على لفظ من. بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ : كبيرة من المعاصي، ولا يتوهم أنها الزنا، لعصمة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، من ذلك، ولأنه وصفها بالتبيين والزنا مما يتستر به، وينبغي أن تحمل الفاحشة على عقوق الزوج وفساد عشرته. ولما كان مكانهن مهبط الوحي من الأوامر والنواهي، لزمهن بسبب ذلك. وكونهن تحت الرسول أكثر مما يلزم غيرهن، فضوعف لهن الأجر والعذاب. وقرأ نافع، وحمزة، وعاصم، والكسائي :
يُضاعَفْ، بألف وفتح العين والحسن، وعيسى، وأبو عمرو : بالتشديد وفتح العين والجحدري، وابن كثير، وأبو عامر : بالنون وشد العين مكسورة وزيد بن علي، وابن محيصن، وخارجة، عن أبي عمرو : بالألف والنون والكسر وفرقة : بياء الغيبة والألف والكسر. ومن فتح العين رفع الْعَذابُ، ومن كسرها نصبه. ضِعْفَيْنِ : أي عذابين، فيضاف إلى عذاب سائر الناس عذاب آخر. وقال أبو عبيدة، وأبو عمرو فيما حكى الطبري عنهما : إنه يضاف إلى العذاب عذابان، فتكون ثلاثة. وكون الأجر مرتين بعد هذا القول، لأن العذاب في الفاحشة بإزاء الأجر في الطاعة. وَكانَ ذلِكَ : أي تضعيف العذاب عليهن، عَلَى اللَّهِ يَسِيراً : أي سهلا، وفيه إعلام بأن كونهن نساء، مع مقارفة الذنب، لا يغني عنهن شيئا، وهو يغني عنهن، وهو سبب مضاعفة العذاب.
وَمَنْ يَقْنُتْ : أي يطع ويخضع بالعبودية للّه، وبالموافقة لرسوله. وقرأ الجمهور :
ومن يقنت بالمذكر، حملا على لفظ من، وتعمل بالتاء حملا على المعنى. نُؤْتِها :
بنون العظمة. وقرأ الجحدري، والأسواري، ويعقوب، في رواية : ومن تقنت بتاء التأنيث، حملا على المعنى، وبها قرأ ابن عامر في رواية، ورواها أبو حاتم عن أبي جعفر وشيبة ونافع. وقال ابن خالويه : ما سمعت أن أحدا قرأ : ومن يقنت، إلا بالتاء. وقرأ السلمي،